المولفات

المؤلفات > بحوث في الاجتهاد والتقليد

74

أيضاً؛ لأنّ تلك الأدلّة اللفظية ليست دليلاً على التقليد فحسب، بل هي تدل على حجّية خبر الثقة أيضاً، فتدل على تخصيص بحجّية خبر الثقة بفرض حياة المخبر، فلو كان لدينا نصّ على حجّية خبر الثقة مطلق شامل لخبر الميّت لكانت هذه الروايات مخصَّصة له، ولو كان لدينا ارتكاز أو سيرة يدلّان على جواز الأخذ بخبر الميّت لكانت هذه الأدلّة رادعة عن الارتكاز وتلك السيرة.

ثم إنّ السيّد الإمام(رحمه الله) أبطل التمسّك ببناء العقلاء في المقام بأنّ بناء العقلاء إنّما يصبح حجّة بإمضاء الشريعة الذي يثبت بعدم الردع، وهذا إنّما يكون في بناء تمّ سريانه إلى الشريعة في زمن المعصوم كي يكون سكوت المعصوم دليلاً على الرضا، وهذا غير متحقّق في باب التقليد؛ إذ إنّه في زمن المعصوم لم يكن من المتعارف وجود رسائل عمليّة مشتملة على فتاوى الفقيه كي يمكن أو يسهل تقليد الميّت لبقاء الرسالة بعد وفاة الفقيه، فتقليد الميّت ابتداءً وقتئذٍ لم يكن ممكناً أو سهلاً ومتعارفاً، إذاً فالبناء العقلائي غير ثابت الإمضاء، بل هذا يوجب انصراف الأدلّة اللفظية أيضاً عن تقليد الميّت ابتداءً.

أقول: إنّ انصراف الأدلّة اللفظية إن فرض أنّه بسبب عدم وجود


(1) راجع الرسائل، ج2، ص157 _ 159؛ وتهذيب الأُصول،ج3، ص202 _ 204.