المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

154

النظام علينا فأيضاً لا يفيدنا في المقام، فإنّ النظام الواجب علينا حفظه إنّما هو النظام الناتج عن القضاء النافذ، ونفوذ قضاء غير الفقيه أوّل الكلام.

لكن هناك تفسير آخر لذلك، وهو علمنا بأنّ الإسلام وضع من القوانين ما يكفي لحفظ النظام، فإذا توقّف حفظ النظام على نفوذ القضاء، فهو بنفسه دليل على نفوذ القضاء، فهذا دليل على أنّ الإسلام يسمح لغير الفقيه بالقضاء عند توقّف حفظ النظام عليه؛ أي: يثبت بذلك نفوذ قضائه؛ لعلمنا بأنّ نفوذ قضائه هو الطريق الوحيد لحفظ النظام، وأنّ اهتمام الشارع بحفظ النظام بالغ إلى درجة يوجب السماح بما يتوقّف عليه من نفوذ القضاء.

نعم، بما أنّ هذا دليل لبي لابدّ فيه من الاقتصار على القدر المتيقّن، وهو القضاء لغير الفقيه بتعيين من قبل الولي الفقيه، لا بلا تعيين، بل القضاء بلا تعيين قد يولّد بنفسه اختلال النظام؛ فإنّ نظام كلّ مجتمع يتوقّف على أن تكون أمثال هذه التعيينات بيد الولي المشرف على ذلك المجتمع.

التوكيل في القضاء

بقي الكلام في أنّه هل يمكن حلّ الإشكال عن طريق افتراض أن ينصب الفقيه وكيلاً من قبله في القضاء فاقداً لبعض الشرائط الماضية، بأن يقال: إنّ وكيل القاضي ليس قاضياً كي يشترط فيه تلك الشرائط أو لا؟ وبناءً على تصوير ذلك يجب على الوكيل اتّباع رأي الموكّل في القضاء عملاً بالوكالة، بينما القاضي المنصوب من قبل الفقيه يقضي وفق رأيه أو رأي مقلَّده.

وهذا الوجه لو تمّ لم تصل النوبة إلى الوجه السابق من تجويز جعل غير الفقيه قاضياً لدى الاضطرار؛ إذ لا اضطرار إلى ذلك ما دام يمكن حلّ الإشكال عن