المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

165

أقول: بعد ما عرفت من الوجوه التي يمكن أن تكون مدركاً للإجماع لا قيمة للإجماع، وقد حقّقنا في محلّه أنّ الشهرة والإجماع الفتوائيّين لا يجبران السند والدلالة أمّا عدم الثمرة في زماننا فمبني على كون جميع الشروط حتى الاجتهاد شروطاً فقهية، وقد عرفت الكلام في ذلك.

هذا، وقد ظهر أيضاً أنّ هذا الإجماع لو تم فإنّما يدل على نفوذ حكم قاضي التحكيم بالمعنى الأول فقط دون الثاني؛ لأنّ الإجماع لم يقم على أكثر من نفوذ حكم قاضي التحكيم الواجد لجميع الشرائط عدا الإذن.

هذا تمام الكلام في أدلّة نفوذ حكم قاضي التحكيم.

أدلّة عدم النفوذ

وبالإمكان أن يستدلّ على عدم نفوذ حكم قاضي التحكيم في قبال ما مضى من الاستدلال على نفوذه بوجهين:

الأول: الآيات القرآنية وهي:

1_ قوله تعالى: ﴿يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّٰهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنٰازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّٰهِ وَالرَّسُولِ...﴾(1).

2_ وقوله تعالى: ﴿فَلاٰ وَرَبِّكَ لاٰ يُؤْمِنُونَ حَتّٰى يُحَكِّمُوكَ فِيمٰا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّٰا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾(2).

وتقريب الاستدلال بذلك هو أن يقال: إنّ المقصود بالردّ إلى اللّه والرسول وتحكيم الرسول هو الردّ والتحكيم ولو بالواسطة بأن يردّ إلى من يمثل الرسول ويحكّم من نصب


(1) النساء: 59.

(2) النساء: 65.