المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

200

مشاهدته قيام البيّنة والإقرار، وليس ذلك لغيره، بل هو مخصوص به. وغيره _ وإن شاهد _ يحتاج إلى أن يقوم بيّنة أو إقرار من الفاعل.

وينقل عن ابن الجنيد أنّه لا يفرّق بين الإمام وغير الإمام في عدم جواز القضاء بالعلم تارةً على الإطلاق كما نقله المرتضى عنه، وأُخرى في حقوق الناس، مع الاعتراف بنفوذ العلم في حقوق اللّه من دون فرق أيضاً بين الإمام وغير الإمام. واستظهر في المسالك نقلاً ثالثاً عن ابن الجنيد: وهو تخصيص التفصيل بين حقوق الناس وحدود اللّه بغير الإمام مع الاعتراف بحجّية علم الإمام في القضاء مطلقاً.

وعن ابن حمزة تبنّي تفصيل معاكس لتفصيل ابن الجنيد، وهو أنّ الحاكم يحكم بعلمه في حقوق الناس دون حقوق اللّه تعالى؛ لابتنائها على المسامحة والرخصة والستر، ويحتمل إطلاق كلام ابن حمزة لعلم الإمام.

وعلى أيّ حال فقد استدلّ على جواز حكم الإمام وفق علمه بوجوه سيأتي أكثرها إن شاء اللّه عند البحث عن حكم القاضي _ غير الإمام _ بعلمه، وممّا يختصّ بمسألة حكم الإمام بعلمه ما جاء في الجواهر من وجوب تصديق الإمام في كلّ ما يقوله وكفر مكذّبه.

وعن بعض حَملُ ما قد يستظهر منه عدم حكم المعصوم بعلمه كقوله (صلى الله عليه و آله): «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان»(1)، على أنّ هذا لا ينافي جواز حكم المعصوم بعلمه، فإنّ عدم حكمه به خارجاً لا يعني عدم الجواز. وكأنّ صاحب هذا الكلام حمل الجواز على الجواز التكليفي أو الحجّية التخييريّة، بينما الظاهر أنّ مصبّ كلام الأصحاب هو نفوذ العلم وحجّيته بحيث لا تصل النوبة معه إلى بيّنة أو يمين، وهو المستفاد من أكثر استدلالاتهم، كاستدلالهم بقوله تعالى: ﴿يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ


(1) وسائل الشيعة ، ج18 ، ص 199، الباب 2 من كيفيّة الحكم ، ح1.