المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

212

ثم إنّ المحقّق العراقي (رحمه الله) بعد إبدائه لاحتمال كون المراد بمثل (الحقّ) و(العدل) هو الحقّ والعدل وفق المقاييس الواقعية، لا في ذاته أبرز قرينة في خصوص رواية: «رجل قضى بالحقّ وهو يعلم» على أنّ المقصود بذلك هو الحقّ في ذاته لا الحقّ وفق مقاييس القضاء، وذلك بقرينة الفقرة الأُخرى وهي: «رجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم»؛ إذ المقصود بالحقّ في هذه الفقرة هو الحقّ في ذاته، لا الحقّ وفق مقاييس القضاء؛ فإنّ من قضى بالحقّ وهو لا يعلم لم يقض وفق مقاييس القضاء؛ لأنّ من جملة مقاييس القضاء كما تدل عليه هذه الرواية هو أن لا يقضي بلاعلم، فبقرينة هذه الفقرة نعرف: أنّ المقصود بالحقّ في الفقرة الأُخرى أيضاً _ وهي قوله: «رجل قضى بالحقّ وهو يعلم» _ هو الحقّ في ذاته، وقد حكم بأنّه في الجنّة، وإطلاقه يشمل من قضى بالحقّ في ذاته بعلمه، لا ببيّنة أو يمين.

أقول: لا إشكال في أنّ المقصود بالحقّ في قوله: «قضى بالحقّ وهو لا يعلم» ليس الحقّ وفق مقاييس القضاء بما فيها نفس المقياس المعطى في هذا الحديث، وإلا لما كان قاضياً بالحقّ؛ لأنّه خالف المقياس المعطى في هذا الحديث، لكن يبقى الأمر دائراً بين أن يكون المقصود هو الحقّ في ذاته أو الحقّ وفق المقاييس العامّة للقضاء غير المقياس المعطى بهذا الحديث كمقاييس البيّنة والأيمان بأن يكون المقصود: مَنْ قضى وفق المقاييس العامّة _ من البيّنة والأيمان ونحوهما بالشكل الثابت في باب القضاء _ ولكنّه لم يكن يعلم بذلك، فهو في النار.

وعلى أيّ حال فقد أشرنا إلى أنّ الحديث ضعيف السند.

الوجه الثاني _ ما ذكره أيضاً المحقّق العراقي (رحمه الله) وهذا الإشكال يرجع إلى علم القاضي غير المعصوم: وهو أنّه بعد تماميّة دلالة تلك الآيات والروايات، أو خصوص رواية «قضى بالحقّ وهو يعلم» على كون الواقع موضوعاً للقضاء، فهذا وإن كان