المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

33

الثانية: أنّه لو فرض ثبوت التسوية من قبل الأصحاب القدامى بين مراسيل هؤلاء ومسانيد غيرهم فمن المظنون كون ذلك على أساس ما نسب إليهم، واختاره جمع من المتأخّرين كالعلّامة من البناء على حجّيّة خبر كلّ إمامي لم يظهر منه فسق، لا على أساس أنّهم لا يروون إلا عن ثقة.

أقول: نحن لا نتمسّك بمجرّد إخبار الشيخ عن تسوية الأصحاب بين مراسيل هؤلاء ومسانيد غيرهم كي يُلقى احتمال من هذا القبيل لدفع الاستدلال، بل نتمسّك بإخبار الشيخ بأنّ هؤلاء عرفوا بأنّهم لا يروون ولايرسلون إلا عن ثقة.

الثالثة: أنّ دعوى أنّ هؤلاء الثلاثة لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة لا يمكن أن تتمّ إلا عن طريق إخبارهم هُم عن أنّهم لا يروون إلا عن ثقة، ولا طريق آخر لكشف ذلك، بينما لم ينسب إلى أحد من هؤلاء التصريح بشيء من هذا القبيل.

وقد أجاب على ذلك الشيخ عرفانيان بأنّ الأصحاب القدامى، خاصّةً التلامذة المباشرين لهؤلاء الثلاثة بإمكانهم اكتشاف ذلك عن ظاهر حالهم، والقرائن الموجودة في حياتهم وأحوالهم، وليس طريق الكشف منحصراً في تصريحهم(1).

أقول: لو كان طريق الكشف منحصراً في تصريحهم لدلّت هذه الشهادة من قبل الشيخ على صدور تصريح بذلك من قبلهم، ولا دليل على ضرورة وصول ذلك إلينا بأكثر من هذا المقدار من الوصول. والواقع أنّ طريق الكشف ليس منحصراً في تصريحهم بذلك، بل بإمكان تلامذتهم أن يكتشفوا ذلك عن ظاهر حالهم واستقراء جملة من نقولهم وسنخ اهتماماتهم ونحو ذلك من القرائن، كما يكتشفون عدالتهم أو وثاقتهم بهذا الأُسلوب، ومعنى شهادة الشيخ بأنّهم عُرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون


(1) مشايخ الثقات، ص 33.