المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

444

ثبوت الوثاقة بالشكل الذي نؤمن به.

هذا كلّه بلحاظ حال سند الحديث.

وأمّا بلحاظ الدلالة: فالظاهر أنّ دلالة الحديث غير تامّة؛ لأنّ الظاهر أنّ المقصود بما ذكره الإمام (عليه السلام) في الرواية من جواز الشهادة بمالكيّة من كان المال في يده هو الشهادة بالملكيّة الظاهرية لا الواقعية، والقرينة على ذلك استدلال الإمام (عليه السلام) في مقام إقناع السائل بأنّه لو اشتراه منه لحلف أنّه ملكه، فكيف لا يشهد بملكيّة من انتقل الملك منه إليه؟ والمفروض أن يكون الإقناع بالاستدلال بشيء واضح بحيث يسلّم به السائل مسبقاً بوضوح، والشيء الواضح إنّما هو جواز الحلف على ملكيّته الظاهرية لما اشتراه من ذي اليد. أمّا جواز الحلف على ملكيّته الواقعية اعتماداً على الحكم الظاهري فحتى لو قلنا به ليس من الواضحات والمسلّمات التي يناسب ذكرها في مقام الاستدلال والإقناع بالدليل، فإذا حملت الشهادة في الحديث على الشهادة بالملكيّة الظاهرية، فمن الواضح أنّ هذه شهادة عن علم حسّي، وليست شهادة عن تعبّد، فالرواية خارجة عمّا نحن بصدده.

نعم لو كانت الرواية واردة بخصوص مورد الشهادة في القضاء، كان هناك مجال للقول بانصراف الرواية إلى كون هذه الشهادة حجّة قضائيّة، أي: أنّها تثبت صحّة دعوى المدّعي، ولكنّ الرواية لم ترد بخصوص باب القضاء، غاية ما هناك شمولها لمورد القضاء بالإطلاق ودلالتها على كونها حجّةً ذاتيةً في موارد القضاء لإثبات الملكيّة الظاهرية، وهذا أثره ليس بأكثر من تشخيص المنكر من المدّعي.

ويشهد لما ذكرناه _ من كون النظر في الحديث إلى الشهادة بالملكيّة الظاهرية لا الملكيّة الواقعية _ قوله: «لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق»؛ إذ من الواضح أنّ فرض عدم إمكان الشهادة بالملكيّة الواقعية لا يهدّم سوق المسلمين، وإنّما الذي يهدّم