المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

543

نظراً للشكوى التي ترددت من عيوب الإثبات بالشهادة، وكانت تساوي المائة جنيه نحواً من ألفين من الفرنكات، وبعد ردح من الزمن نزل نصاب البيّنة إلى مائة وخمسين فرنكاً؛ نظراً لزيادة انتشار الكتابة، ثم نقصت قيمة الفرنك، فرفع نصاب البيّنة إلى خمسمائة فرنك، ثم هبطت قيمة الفرنك بعد ذلك هبوطاً جسمياً، فرفع النصاب مرّةً أُخرى إلى خمسة آلاف من الفرنكات. وفي مصر قرّر نصاب البيّنة منذ التقنين المدني السابق بعشرة جنيهات، ولم يتغيّر هذا النصاب في التقنين الجديد وإن كانت قيمة العملة قد نزلت نزولاً كبيراً للمعادلة ما بين هذا النزول الكبير وزيادة انتشار الكتابة(1).

وبلحاظ التحفظ الثاني قال في الوسيط ما نصّه:

«ثم إنّ القاضي إذا رأى الإثبات بالبيّنة مستساغاً وقدّر أنّ الوقائع المراد إثباتها متعلّقة بالحقّ المدَّعى به، ومنتجة في الإثبات، وسمع الشهود في هذه الواقعة، فإنّ له بعد ذلك كلّه سلطة واسعة في تقدير ما إذا كانت شهادة هؤلاء الشهود كافيةً في إثبات هذه الوقائع، وهو في ذلك لا يتقيّد بعدد الشهود، ولا بجنسهم، ولا بسنّهم، فقد يقنعه شاهد واحد ولا يقنعه شاهدان أو أكثر، وقد يصدّق المرأة ولا يصدّق الرجل، وقد تكون شهادة صبي صغير أبلغ في إقناعه من شهادة رجل كبير. وقد كان للشهادة في القديم نصاب محدّد: رجلان، أو رجل وامرأتان، أو شهود أربعة، أو نحو ذلك، فزال هذا النصاب لا في المسائل الجنائيّة فحسب، بل أيضاً في المسائل المدنيّة والتجاريّة، وكذلك زالت ضرورة تزكية الشهود، فلم يعد الشاهد يزكيّه شاهد آخر، بل الذي يزكيّه هو مبلغ ما يبعثه في نفس القاضي من الاطمئنان إلى دقّته


(1) راجع الوسيط، ج2، الفقرة 189.