المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

546

جملة من شرائط البينة في الفقه الوضعي

ومن شرائط البيّنة لديهم الحلف، ولو بدّلوه بشرط العدالة لكان أقوى وأشرف لهم: أما كونه أقوى فلأنّ غير العادل ما أكثر إقدامه على الحلف الكاذب، والعادل يتحرّز عادةً عن الكذب حتى من غير حلف، وأمّا كونه أشرف لهم فلأنّ الدافع الحقيقي لعدم شرط العدالة عندهم واضح، وهو أصل كون العدالة _ حسب ما لديهم من نظرة مادّيّة وانهماك في الشهوات _ أمراً أقرب إلى الخيال الطوبائي منه إلى الحقيقة والواقع.

ومن شرائط البيّنة لديهم العلم الحسّي، ويستثنون فرض موت الشاهد المباشر أو العجز عن الوصول إليه. وهذا في الحقيقة عبارة عن تقييد نفوذ الشهادة على الشاهد بالعجز عن تحصيل الشاهد المباشر.

وقالوا: يجب أن تؤدّى الشهادة شفهاً أمام المحكمة أو القاضي مباشرةً وجهاً لوجه؛ لأنّه إذا كذب اللّسان أو سكت حيث يجب الكلام، فإنّ هيئة المرء وحالته وطريقة شهادته قد تنمّ عن الحقيقة، أو تساعد على اكتشافها، أو تساعد على تقدير الشهادة (المادة 90 إثبات). ويجب أيضاً أن لا يعتمد الشاهد في شهادته إلا على ذاكرته، ولا يصحّ أن يسمع له بتلاوة شهادته من ورقة مكتوبة أو يستعين بأيّة مذكّرة إلا إذا كانت شهادته منصبّة على أمر معقّد أو لمعرفة أرقام وتواريخ مثلاً بعد إذن المحكمة أو القاضي حيث تسوغ ذلك طبيعة الدعوى (المادة 90 إثبات). والأصل في التحقيق وسماع الشهود أن يكون بمعرفة هيئة المحكمة؛ إنّما يجوز لها طبقاً للمادة(72 إثبات) _ عند الاقتضاء _ أن تندب أحد قضاتها لإجرائه(1).


(1) رسالة الإثبات، ج1، ص548 _ 549، الفقرة: 379 مكرّر، من الطبعة السابعة.