المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

62

وللنجاشي إليه إضافةً إلى هذا السند سند آخر وهو: «محمد بن جعفر في آخرين عن أحمد بن محمد بن سعيد عن علي بن الحسن». ومحمد بن جعفر وإن لم يكن ثابت التوثيق إلا بناءً على وثاقة كلّ مشايخ النجاشي ولا نقول به، ولكن لا يبعد أن يقال: إنّ كونه شيخاً للنجاشي منضمّاً إلى أنّه ليس الناقل الوحيد، بل نقل في آخرين _ على حدّ تعبير النجاشي _ يكفي في إيجاد الوثوق والاطمئنان، فإنّ الراوي في الحقيقة عبارة عن عدّة من مشايخ النجاشي، ولا نحتمل عادة كذبهم جميعاً.

نعم، قد توجد عدّة نقاط ضعف في هذا المثال:

الأُولى، تخلّف الشرط الثالث في كتاب واحد، فإنّ الكتب التي ذكرها الشيخ (رحمه الله) ذكرها جميعاً النجاشي ولو بفرقٍ ما نادراً في الاسم، كتعبير الشيخ باسم «كتاب أخبار بني إسرائيل»، وتعبير النجاشي باسم «كتاب عجايب بني إسرائيل» ما عدا كتاب واحد وهو: «كتاب صفات النبي (صلى الله عليه و آله)»، حيث لم يأتِ هذا الاسم في الكتب التي عدّها النجاشي، ولكن النجاشي عدّ كتباً عديدة ممّا لم يعدّه الشيخ (رحمه الله)، ومنها: «كتاب وفاة النبي (صلى الله عليه و آله)»، فيأتي احتمال أنّ هذا هو عين «كتاب صفات النبي (صلى الله عليه و آله)»، وإنّما وقع خطأ عند أحدهما، فبدّلت كلمة الوفاة بكلمة الصفات، أو بالعكس، واحتمال أنّ ذاك الكتاب مشتمل على صفات النبي (صلى الله عليه و آله) ووفاته معاً فسمّي هنا باسم وفاة النبي (صلى الله عليه و آله)، وهناك باسم صفات النبي (صلى الله عليه و آله). وعلى أيّ حال فيمكن التغاضي عن هذه النقطة من الضعف في المقام؛ لأنّ الشرط لم يتخلّف إلا في كتاب واحد من كتب كثيرة، والتخلّف أيضاً احتمالي، وليس جزميّاً كما عرفت، وعندئذٍ يصبح احتمال كون الحديث الذي نريد تصحيح سنده قد أخذه الشيخ من كتاب غير مشمول لسند النجاشي ضعيفاً إلى حدّ يطمأنّ بعدمه، خاصّة حينما لا تكون الرواية واردة بشأن صفات النبي (صلى الله عليه و آله).