المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

702

على نفيه للعلم فقد يورد عليه: أنّ دعواه لعلم المدّعى عليه بالحال لا قيمة لها؛ إذ لا يترتّب عليها أثر شرعي لصالحه، وإنّما الدعوى التي لو ثبتت كان الحكم لصالحه هي دعوى واقع الدَّين _ مثلاً _ لا دعواه لعلم صاحبه بذلك، ولذا لو كان يدّعي علم صاحبه بكونه مديناً له وثبتت صحّة دعواه، ولكن كان هو جازماً بخطأ صاحبه وأنّه ليس في الواقع مديناً له، لم يثبت له شيء، وهذا يعني أنّ الدعوى المثمرة التي ينبغي طرحها أمام القضاء إنّما هي دعواه للواقع، لا دعواه لعلم صاحبه به.

وقد يجاب على ذلك بأنّ علم المدّعى عليه بالدَين _ مثلاً _ يترتّب عليه ثمر في صالح المدّعي؛ ذلك لأنّ المدّعى عليه لو كان عالماً بذلك لحرمت عليه الحيلولة بين المدّعي وبين المال، وكان عليه الأداء، وهذا _ كما ترى _ حكم في صالح المدّعي، فلو ردّ المنكر اليمين على نفي العلم، وحلف المدّعي على كون المنكر عالماً بالحال، أو نكل المنكر عن اليمين على نفي العلم وحلف المدّعي، أو حَكمنا بمجرّد نكوله، ثبت بذلك علم المنكر بالدَّين وحكم الحاكم به، وبالتالي بقيت دعوى المدّعي للدَين دعوى بلا منازع فينتهي النزاع؛ إذ على المنكر أن يسلِّم المال عملاً بما ثبت عليه من علمه بالدَين، والمدّعي _ طبعاً _ يأخذ المال لأنّه يرى نفسه مالكاً له، وليس لأحد أن ينازعه في ذلك.

لكن هذا الدفاع عن كلام السيد الخوئي غير تام، ولو تمّ لجاء نفس الكلام أيضاً فيما لو سكت المنكر أو نفى الواقع فأيضاً يقال: إنّ المدّعي قد يدّعي علم المنكر _ رغم سكوته أو نفيه للواقع _ بالدَين، فيطالبه بالحلف على عدم العلم، ولا أدري ماذا خصّ السيد الخوئي كلامه هذا بفرض دعوى المنكر الجهل بالواقع كما يظهر من عبارته في مباني التكملة؟! وعلى أي حال فهذا الدفاع عنه غير تام في نفسه، ولا يفهم عرفاً من دليل التحليف تحليفه على ما لا ينفعه أصلاً؛ إذاً فمقتضى القاعدة هو انحصار