المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

749

الفقه الفرنسي لا يزال عنده مقياس التجزئة وعدمها في الإقرار المركَّب مورداً للخلاف، ولكن القضاء المصري حسم المسألة بالتفصيل بين ما إذا كانت الواقعة الثانية مرتبطة بالواقعة الأُولى _ أي: متفرعةً عليها ومستلزمةً لوقوع الواقعة الأُولى، كما في دعوى الوفاء أو الإبراء المستلزمة لأصل الدين _ أو كانت منفصلةً عنها تماماً، كما في دعوى دَينٍ آخر يتساقط مع الدَين الأول بالمقاصّة. ففي الأول لا تصحّ التجزئة بينما في الثاني تصحّ التجزئة.

أقول: الصحيح من وجهة نظر الإسلام أنّ ما أقرّ به الخصم تارةً يفرض أنّه قيّده بقيد أدّى إلى تباين ما أقرّ به مع ما ادّعى الخصم الآخر نهائياً؛ كما لو ادّعى المدّعي أنّ صاحبه مدين له بدينار، فقال: أنا مدين لك بالمتاع الفلاني وليس بدينار، وأخرى يفترض أنّ القيد ليس أمراً مغيِّراً لأصل الإقرار، وإنّما هو دعوى أمر إلى صفّ الأمر الذي أقرّ به على شكل التوصيف، أو على شكل التركيب كما لو قال: أنا معترف بما تدّعيه من الدَين، ولكنّني أدّعي أنّك ضربْتَ لذلك أجلاً بمقدار سنتين من بعد هذا الزمان، أو: لكنّني أدّعي أنّك أبرأتَ ذمّتي، أو ولكنّه حصل بعد ذلك دَينٌ آخر لي عليك، فانتهى الدَّين الأول بالتقاصّ:

فإن فرض الأول، أي: إنّ القيد كان بنحوٍ أخرج الإقرار عن كونه إقراراً بشيء يدّعيه الخصم، فهذا خروج عن محلّ البحث؛ إذ ليس هناك اعتراف بما ادّعاه الخصم، ولا بجزء ممّا ادّعاه كي نبحث عن كيفية نفوذه.

وإن فرض الثاني؛ أي: إنّه تمّ الاعتراف بما يقوله الخصم، أو بجزء منه، غاية الأمر أنّه يدّعي وصفاً أو شرطاً أو حادثة أُخرى غير معترف به لدى الخصم، فاعترافه بما يقول نافذ لا محالة، ويبقى الوصف الإضافي أو الشرط الإضافي أو الحادثة الجديدة قيد نزاع جديد، يكون عب‏ء إثباته على كلِّ مَن يُعتبر في هذا النزاع مدَّعياً وفق