المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

98

أنّ جوّاً تشريعيّاً رافضاً لإمامة غير العادل يمنع عن انعقاد الإطلاق في دليل القضاء، الذي هو أهمّ من إمامة الجماعة بكثير، ومع عدم انعقاد الإطلاق يكون الأصل في قضاء الفاسق هو عدم النفوذ.

الوجه السادس _ أن نتعدّى من دليل اشتراط العدالة في الشاهد إلى القاضي، فلئن كان الشاهد _ الذي يكون دوره في فصل الخصومة، وإيصال الحقّ إلى مستحقّه أقلّ من دور القاضي _ تشترط فيه العدالة، فالقاضي بطريق أولى، إمّا أولوية قطعية، أو أولوية عرفية تُحقّق دلالة التزامية في دليل اشتراط العدالة في الشاهد.

أو يقال: إنّ جوّاً تشريعيّاً لا يقبل شهادة غير العادل لا يتم فيه إطلاق لدليل القضاء بالنسبه لقاض غير عادل.

هذا، والروايات الواردة في اشتراط العدالة في الشاهد أو عدم الفسق عديدة: من قبيل رواية محمد بن قيس التامّة سنداً عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: لا آخذ بقول عرّاف، ولا قائف، ولا لصّ، ولا أقبل شهادة الفاسق إلا على نفسه»(1). إلا أنّ هذا النمط من الحديث إنّما تتمّ دلالته على اشتراط العدالة لو قلنا بعدم الواسطة بين العادل والفاسق.

ومن قبيل رواية عبداللّه بن سنان التامّة سنداً قال: «قلت لأبي عبداللّه (عليه السلام): ما يردّ من الشهود؟ قال: فقال: الظنين والمتّهم، قال: قلت: الفاسق والخائن؟ قال: ذلك يدخل في الظنين»(2). وهذا النمط من الروايات _ وهي عديدة _ إنّما تدل على


(1) الفقيه، ج3، ص30، الباب من يجب ردّ شهادته ومن يجب قبول شهادته، ح 26. وذيل الحديث ورد في وسائل الشيعة، ج 18، ص290، الباب 41 من الشهادات، ح7.

(2) وسائل الشيعة، ج 18، ص274، الباب 30 من الشهادات، ح1.