المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد/حقيقة التقليد وحالاته

15

نعم، لو كانت إحدى الفتويين عبارة عن وجوب شيء مثلاً والاُخرى عبارة عن عدم وجوبه فالتعبّد الإجمالي بالجامع لا يوجب الاحتياط؛ لأنّه تعبّد بالجامع بين الإلزام وغير الإلزام.

إلا أنّ هذا وحده غير كافٍ لتبرير جعل الحجية، لأنّ العلم التعبّدي من هذا القبيل لا أثر له، وهو مسبوق دائماً بالعلم الوجداني بالجامع بين النفي والإثبات، والذي أيضاً يكون خالياً عن التأثير.

وكذلك لو كانت إحدى الفتويين عبارة عن إيجاب شيء والاُخرى عبارة عن تحريمه؛ فإنّ هذا يصبح بمنزلة العلم الإجمالي الدائر بين المحذورين، والذي هو فاقد للتأثير أيضاً.

ولكن بالإمكان تصحيح هذا التفسير بصورة معقولة، وهي افتراض أن يكون المقصود بالحجية بلحاظ الجامع الحجية بقدر الجامع بحدّه الجامعي، لا الحجية السارية إلى الأطراف كحجية العلم الإجمالي، فهذا ينتج النتيجة المطلوبة.

فلو أفتى أحدهما بوجوب الظهر والآخر بوجوب الجمعة كان المقدار المنجّز على المقلِّد هو قدر الجامع الذي يمكن تحقيقه ضمن الظهر ويمكن تحقيقه ضمن الجمعة، وهذا ينتج تخيير المقلِّد في التقليد، وهو المقصود، ولا ينتج لزوم الاحتياط بالجمع.

نعم هذا لا يكفي لجواز إسناد الفتوى التي يختارها إلى الشريعة؛ بناء على قيام الأمارة مقام العلم الموضوعي في جواز الإسناد إلى الشريعة، وذلك لأنّه لم تصبح تلك الفتوى بخصوصيتها حجة. وربّما يسمّى هذا بالتخيير الفقهي.