الوجه الثالث: أن نقول: لا فرق بين أن يكون دليل التقليد بلسان الأمر أو بلسان التجويز والترخيص، فحتى لو كان بلسان الأمر لم يُفهم منه إلا التخيير في الحجية بين الفتويين المتعارضين رغم أن الأصل في إطلاق الموضوع هو الشمول؛ وذلك لنكتة ومناسبة خاصة في المقام ثابتة في باب الفتوى دون باب الرواية، وتلك النكتة أو المناسبة هي أنّ الفتوى تعطي النتيجة النهائية العملية، بخلاف الرواية التي لا يُعطي الراوي فيها إلا نصاً يحوّل فهمه أو كشف وجود مقيّد أو مخصّص له أو حاكم عليه أو نحو ذلك إلى السامع الفقيه، ولا يتحمّل الراوي شيئاً بهذا الصدد.
إذن، فالمناسب في باب الرواية أن تكون الحجية شمولية ثابتة لهذه الرواية ولكلّ رواية اُخرى، ويكون الفحص عن باقي الروايات المربوطة على عاتق السامع الفقيه. ولكن المناسب في باب الفتوى الذي يقصد الفقيه فيه إعطاء النتيجة النهائية أن تكون حجية هذه الفتوى بمعنى وصول المقلِّد إلى النتيجة النهائية.
إذن، فالمناسبات تؤثّر أثرها في تكوّن الظهور في الحجية التخييرية في باب الفتوى والشمولية في باب الرواية، ولا يلزم من ذلك في رواية واحدة دالّة على حجية الفتوى والرواية معاً استعمال اللفظ في معنيين؛ لأنّ بدلية أو شمولية الحجية لم تكن من حاق اللفظ، بل كانت بنكتة كالمتصل على شكل تعدّد الدالّ والمدلول.
بيان مؤيّد للتخيير في التقليد: