المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد/حقيقة التقليد وحالاته

25

وكون الفقيه من شأنه إعطاء النتيجة النهائية قد يناسب كون حجية فتواه غير مشروطة بالفحص عن المعارض، ولكن لا علاقة لذلك بحجية فتواه حتى بعد فرض وصول فتوى فقيه آخر مخالفة لتلك الفتوى، في حين أنّ الفقيه الآخر أيضاً يعطي النتيجة النهائية، وهو ينفي صحة فتوى الفقيه الأول.

3 ً ـ وأمّا الوجه الثاني: وهو أنّ لسان الأمر بالأخذ بالفتوى قد يدلّ على جانب التنجيز وجانب التعذير معاً، ولكن لسان الترخيص في الأخذ بالفتوى لا يدلّ على أكثر من جانب التعذير، فيرد عليه: أنّه بعد أن كان كلا اللسانين إرشاد إلى الحجية نقول: إنّ التفكيك في الحجية بين جانب التنجيز وجانب التعذير في حجة قد يكون مفاده إلزاماً وقد يكون مفاده ترخيصاً كالفتوى أو الرواية بعيد عن الذهن العرفي، فالمستفاد إذن من كلا اللسانين هو التنجيز والتعذير معاً، وإنّما الكلام يقع في أنّ التنجيز هل هو بقدر الجامع بين الفتويين المتعارضين الإلزاميين مثلاً كوجوب الظهر أو الجمعة والتعذير يكون بقدر كلّ ما هو زائد على الجامع أو إنّ التنجيز يكون بقدر الفتوى بخصوصيته والتعذير يكون بقدر ما تنفيه تلك الفتوى ؟

ولا شك أنّ الظهور الأوّلي لدليل حجية فتوى الفقيه هو الثاني؛ لأنّ الحكم طرأ على عنوان منطبق على كلّ من الفتويين بكامل خصوصيتهما.

نعم، قد يقال: إنّ الحديث الذي لم يدلّ على جواز التقليد إلا من ناحية الإرجاع إلى شخص معيّن كقوله: عليك بالأسدي يعني أبا بصير، وكان فهم الحكم العام من باب إلغاء العرف لخصوصية ذاك الشخص، فهنا لا نعلم أنّ هذه الحجية هل هي حجية تعيينية أو تخييرية؛ فإنّ الإرجاع إليه ينسجم مع كلا الفرضين بمستوى واحد، ولكن الشك في ذلك يكون في صالح التساقط لدى تعارض الفتويين، لا في صالح التخيير؛ لأننا شاكّون في أصل الحجية.