المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد/حقيقة التقليد وحالاته

3

1 ً ـ الأدلة اللفظية:

أمّا على مستوى الأدلّة اللفظية للتقليد فتلك الأدلّة لا تشمل تقليد الميت.

وقد ذكر رحمه الله في مقام عدم شمولها إياه بيانين؛ وكأنّهما يرجعان في نظره إلى بيان واحد إلا أنّ هناك فارقاً بينهما، كما سيظهر من خلال طرحهما إن شاء الله:

البيان الأول: أنّه قد اُخذت في الأدلّة اللفظية بعض العناوين التي لا تصدق على الميت، من قبيل: عنوان المنذر أو أهل الذكر أو الفقيه أو الراوي أو الناظر في الحلال والحرام، أو غير ذلك من العناوين الظاهرة في لزوم أخذ الفتوى من المتلبّس بالمبدأ وغير الشاملة لمن انقضى عنه المبدأ.

ويرد عليه:

أ ـ أن هذا البيان منه رحمه الله ـ كما ترى ـ لا يصلح لشمول كلّ الأدلّة اللفظية، فمن جملتها ما لم يؤخذ فيها عنوان من هذا القبيل، وإنّما كان الإرجاع فيها إلى الأشخاص كالحارث بن المغيرة النضري.

ب ـ أنّه قد يناقش في عدم صدق بعض هذه العناوين على الميت كالفقيه أو الثقة ـ مثلاً ـ ممّا يصدق على النفس الناطقة حتى بعد موت الجسد.

جـ ـ كما أنّ هذا البيان يتوقّف على عدم قبول كون المشتق حقيقة في الأعم.

البيان الثاني: وهو أوسع من البيان الأول، وهو أنّ الموجود في أدلّة التقليد هو الرجوع إلى المقلّد، كما دلّ عليه التعبير بالسؤال في قوله: < فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ > (1)، أو الإنذار في قوله تعالى: < لِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ > (2)، أو كلمة الأخذ من قوله: « آخذ عنه معالم ديني » (3)، أو جملة:. ما يمنعكم عنه )، كما في قوله: « ما يمنعكم عن الحارث بن المغيرة النضري » (4)، أو غير ذلك، ممّا يدلّ جميعاً على الرجوع إلى المقلَّد والأخذ منه، ومن الواضح عدم إمكان الرجوع إلى الميت أو الأخذ منه.

وفيه:

أ ـ أنّ هذا البيان ـ كما ترى ـ يشمل حتى روايات الإرجاع إلى الأفراد من دون ذكر شيء من تلك العناوين.


(1) النحل: 43.
(2) التوبة: 122.
(3) وسائل الشيعة 27: 146، ب 11، من أبواب صفات القاضي، ح 27.(4) المصدر السابق: 145، ح 24.