ويمكن أن يقرّب الإشكال بتعبير آخر وهو أن يقال: إنّ حجية فتاوى الميت في سائر المسائل غير مسألة البقاء كانت في عرض ما قد يفترض من حجية فتواه في البقاء؛ لأنّهما معاً وليدتان لحجية رأي الحيّ في البقاء، فلو كانت حجية فتوى الميت في مسألة البقاء تخلق حجية لباقي فتاوى الميت لكانت هذه الحجية في طول حجية فتواه في البقاء، وهذه الحجية الثانية لباقي فتاواه لو فرضت مندكّة في الحجية الاُولى لتلك الفتوى فهو غير ممكن؛ لأنه يلزم من ذلك أن تكون حجية باقي الفتاوى في عرض حجية فتواه في البقاء وفي طولها في وقت واحد، ولو لم تفرض مندكّة في تلك الحجية لزم اجتماع حجتين على شيء واحد، وهذا غير ممكن.
ولعلّ هذا هو مقصود السيد الخوئي رحمه الله وإن كان هذا الإشكال لا ينبغي أن يعبّر عنه بالتعبيرات الواردة في التنقيح من لزوم تحصيل الحاصل والتنجيز بعد التنجيز والتعذير بعد التعذير.
وعلى أيّة حال فالجواب على هذا الإشكال هو أنّ الطولية الرتبية بين أمرين وإن كانت حدّاً من الحدود وأمراً إيجابياً معبّراً عن ظرف رتبي لكن العرضية الرتبية لا تعبّر عن ظرف ما، وإنّما هي عبارة عن عدم الترتّب لا عن حدّ إيجابي، ولهذا لا يشترط في العرضية بين شيئين كونهما معلولين لشيء ثالث، بل كلّ أمرين لا يوجد ترتّب بينهما يعتبران عرضيين.
كما أنّه في ما نحن فيه أيضاً ليست الحجيتان في عالم التطبيق والفعلية ـ وهو عالم تعدّدهما ـ وليدتين لشيء واحد، بل تكون حجية فتوى الميت في البقاء وليدة لفتوى الحيّ بحجية هذه الفتوى، وحجية باقي فتاواه وليدة لفتوى الحيّ بحجية باقي الفتاوى.