المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / طرق ثبوت الاجتهاد والأعلمية

12

إلا أنّه بالإمكان أن يقال في مقابل هذا الإشكال: لو استفدنا من هذا الحديث سقوط استصحاب عدم العزل بخبر الثقة المخبر بالعزل: أنّ خبر الثقة قام هنا مقام العلم الموضوعي الطريقي مرّتين: مرّة بلحاظ أنّ العلم بالعزل موضوع لعدم نفوذ العقود أو قل لنفوذ العزل، واُخرى بلحاظ أنّ العلم بالعزل موضوع لسقوط استصحاب عدم العزل، وقد قام خبر الثقة مقام العلم بكلا اللحاظين، والنقاش المذكور إنّما يرد باعتبار اللحاظ الأول، ولايرد باعتبار اللحاظ الثاني، فيستفاد من قطع الاستصحاب بخبر الثقة في المقام: أنّ خبر الثقة يقوم مقام القطع الطريقي على الإطلاق، ولا يرى العرف خصوصية للمورد.

إلا أن يقال: إنّه تحتمل أيضاً خصوصية أنّ انقطاع الاستصحاب في المورد بإخبار الثقة؛ باعتبار أنّ هذا الاستصحاب أيضاً يضرّ بمصلحة استقرار السوق؛ لأنّ الوكيل يعمل به ويجري معاملات ثم ينكشف الخلاف.

ثم لايخفى أنّ صدر هذا الحديث لا يخلو من الإشعار بعدم حجية خبر الواحد في الموضوعات؛ وذلك لقوله: في رجل وكّل آخر على وكالة في أمر من الاُمور وأشهد له بذلك شاهدين، فلو كان الشاهد الواحد كافياً فلماذا أشهد لذلك شاهدين؟ ولماذا لم يبيّن الإمام (عليه السلام) أنّه كان يكفي شاهد واحد؟ وطبعاً هذا الذي نقوله لايزيد على مجرّد الإشعار.

الحديث الثاني: ما ورد بسند تام عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن رجل كانت له عندي دنانير وكان مريضاً، فقال لي: إن حدث بي حدث فأعطِ فلاناً عشرين ديناراً، وأعطِ أخي بقية الدنانير، فمات ولم أشهد موته، فأتاني رجل مسلم صادق فقال لي: إنّه أمرني أن أقول لك: أنظر الدنانير التي أمرتك أن تدفعها إلى أخي، فتصدّق منها بعشرة دنانير أقسمها في المسلمين، ولم يعلم أخوه أنّ عندي شيئاً، فقال « أرى أن تصدّق منها بعشر دنانير » (1).


(1) الوسائل 19: 433، ب 97 من الوصايا، ح..