المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / طرق ثبوت الاجتهاد والأعلمية

7

نعم، أورد مع ذلك اُستاذنا الشهيد الصدر رحمه الله على البيان المنقول عن المحقّق الهمداني رحمه الله: بأنّ الأولوية والمساواة بالبيان الماضي يمكن منع ثبوتهما؛ وذلك بإبداء احتمال أنّ جعل الحجية للبيّنة في باب القضاء لعلّه كان بنكتة شدّة اهتمام المولى في باب القضاء بالوصول إلى الواقع، وفي غير باب القضاء لعلّه لا توجد للمولى تلك الدرجة من الاهتمام بالوصول إلى الواقع المؤدّي إلى جعل الحجية للبيّنة؛ ولذا لم يجعل البيّنة حجة (1).

تقريب آخر للسيد الخوئي:

هذا، وللسيد الخوئي رحمه الله تقريب آخر للاستدلال بقوله صلى الله عليه وآله « إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان » وهو: أنّ البيّنة هنا ليست بمعنى شهادة عدلين كي يرد احتمال اختصاص حجية شهادة العدلين بباب القضاء، وإنّما هي بمعنى ما يثبت وما يبيّن؛ لأنّ اصطلاح البيّنة بمعنى شهادة عدلين اصطلاح متأخّر، لا يحمل عليه ما في الكتاب والسنّة، وإنّما هي مستعملة في الكتاب والسنّة بمعناها اللغوي، كقوله تعالى: < إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي > (2)، وقوله تعالى: < فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ > (3).

إذن، فقوله صلى الله عليه وآله « إنّما أقضي بينكم بالبينات والأيمان » يعني القضاء بالدليل، أي: إنّه صلى الله عليه وآله بيّن أنّ قضاءه ليس قضاءاً بالواقع، بل قضاءاً بالحجة وباليمين، وبما أنّه ثبت خارجاً أنّه صلى الله عليه وآله طبّق البيّنة في قضائه على شهادة عدلين، فهذا دليل على أنّ شهادة العدلين في ذاتها حجة، ولا اختصاص لحجيتها بخصوص باب القضاء (4).

مناقشة الشهيد الصدر:


(1) المصدر السابق.
(2) الأنعام: 57.
(3) النحل: 44.
(4) راجع: التنقيح 3: 166. وج 1: 210 ـ 211.