الباب قال لي: يا صبيح، قلت: لبّيك يا مولاي وقد سقطت لوجهي. فقال: قم يرحمك الله ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾(1).
قال: فرجعت إلى المأمون، فوجدت وجهه كقطع الليل المظلم، فقال لي: يا صبيح، ما وراك؟ قلت له: يا أميرالمؤمنين، هو والله جالس في حجرته، وقد ناداني وقال لي كيت وكيت. قال: فشدّ أزراره وأمر بردّ أثوابه وقال: قولوا: إنّه كان غشي عليه وإنّه قد أفاق.
قال هرثمة: فأكثرت لله ـ عزّ وجلّ ـ شكراً وحمداً، ثمّ دخلت على سيّدي الرضا(عليه السلام)، فلمّا رآني قال: يا هرثمة، لا تحدّث بما حدّثك به صبيح أحداً إلّا من امتحن الله قلبه للإيمان بمحبّتنا وولايتنا. فقلت: نعم يا سيّدي. ثمّ قال لي(عليه السلام): يا هرثمة، والله لا يضرّنا كيدهم حتّى يبلغ الكتاب أجله».
وأيضاً روى في البحار(2) عن عيون أخبار الرضا(عليه السلام)، عن أحمد بن عليّ الأنصاري قال: «سألت أبا الصلت الهرويّ فقلت: كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا(عليه السلام) مع إكرامه ومحبّته له وما جعل له: من ولاية العهد من بعده؟
(1) سورة 161 الصفّ، الآية: 8 .
(2) بحار الأنوار 49: 290.