قالوا: إنّه قد عمل بعض علماء الفنّ هذا العمل، إلّا أنّه لم تصل جميع الموارد إلى المطلوب الأقصى، بل نجح من كلّ ثلاثة موارد واحدٌ منها، ولعلّه لعدم كمال الأدوات اللازمة، ولعلّه يتمّ الأمر فيها بلااستثناء في المستقبل.
ونسبة النواة بما لها من الكروموزومات إلى المادّة السائلة (السيتوبلازم) نسبة النواة إلى الماء الذي تغوص فيه وتتغذّى منه، فالسيتوبلازم ليس إلّا غذاءً كما صرّح بذلك الدكتور حتحوت في رسالته (الاستنساخ البشري) حيث قال:
«يتكوّن الجسم كلّه من خلايا كما يتكوّن البناء من قطع الحجارة أو قوالب الطوب، وبداخل كلّ خليّة نواة هي سرّ النشاط الحياتي للخليّة، ويحيط بالنواة غشاء نوويّ، وتحتوي بداخلها على شبكة مكوّنة من ستّة وأربعين شريطاً تلتقط الصبغة القاتمة؛ ولهذا تسمّى الأجسام الصبغيّة (الكروموزومات)، أمّا باقي مساحة الخليّة فيما بين النواة وبين جدار الخليّة، فمليء بسائل يعرف بالسائل الخلوي أو السيتوبلازم، والأجسام الصبغيّة (الكروموزومات) الستّةُ والأربعون هي حوامل الصفات الوراثيّة على هيئة وحدات من حمض النوويك(1)، تسمّى الجينات مرتّبة ترتيباً خاصّاً، فكأنّها حروف تؤلّف كلمات، وهذه تؤلّف رسالة عامّة، وكذلك الصفات الوراثيّة لفرد بذاته لايطابقه مثيل بين الناس على مدى الزمان والمكان.
وتتكاثر الخليّة بالانقسام الذي بموجبه ينشقّ كلّ شريط من هذه الأجسام الصبغيّة طوليّاً إلى نصفين، يتمّم كلّ منهما نفسه إلى شريط كامل بالتقاط الموادّ اللازمة من السائل المحيط به، وهكذا تتكوّن صبغيّتان، تُغَلِّف كلّ منهما نفسَها بغلاف نوويّ؛ لتصبح هناك توأمان تقتسمان السائل الخلويّ، ويحيط بكلّ منهما غشاء خلويّ، وتصبح الخليّة خليّتين، وهكذا أجيال بعد أجيال من الخلايا المتماثلة»(2).
ثُمّ قال في الخلايا الجنسيّة: «هي المنويّات التي تفرزها الخُصْية والبُيَيْضات التي يفرزها المبيض، وهي كسائر الخلايا لولا أنّ لها خاصيّة ليست لغيرها؛ ذلك أنّها في انقسامها الأخير الذي تتهيّأ به للقدرة على الإخصاب لاينشطر الشطر الكروموزومي إلى نصفين يكمّل كلّ منهما نفسه، لكن تبقى الأجسام الصبغيّة سليمة، ويذهب نصفها ليكون
نواة خليّة، والنصفُ الآخر ليكون نواة خليّة اُخرى، فتكون نواة الخليّة الجديدة إذن مشتملة على ثلاثة وعشرين من الأجسام الصبغيّة، لاعلى ثلاثة وعشرين زوجاً؛ ولهذا يسمّى هذا الانقسام بالانقسام الاختزاليّ، فكأنّ النواة فيما يختصّ بالحصيلة الإرثيّة نصف نواة.