المولفات

المؤلفات > التعزير أنواعه و ضوابطه

16

وأمّا الرواية الاُولى وهي رواية إسحاق بن عمّار التي تحدّد التعزير ببضعة عشر سوطاً ما بين العشرة إلى العشرين فتعارضها الرواية الثانية ـإذ دلّت على أكثر من ذلكـ ورواية سماعة المتقدّمة في شهود زور يجلدون حداً ليس له وقت وذلك إلى الإمام(1) بناء على أنّ التحديد ببضعة عشر سوطاً أيضاً وقت، فقد يقيّد إطلاق رواية إسحاق برواية سماعة، كما قد يعكس الأمر فيقال: إنّ قوله: «ليس له وقت» مطلق يدلّ على نفي أيّة درجة من درجات التحديد، فيقيّد برواية إسحاق التي حدّدت بما بين العشرة والعشرين، فحتى بعد هذا التقييد يصدق عنوان «ليس له وقت» إذ ليس له تعيّن كامل ولعلّ هذا أوفق بالفهم العرفي.

هذا، والذي يظهر من العبارة المنقولة عن المجلسي(رحمه الله) في مرآة العقول هو عدم إفتاء الأصحاب بمضمون رواية بضعة عشر سوطاً حيث قال ـعلى ما نقل عنه فيما تحت الخط في الكافي في مقام التعليق على هذا الحديثـ: «يدلّ على أنّ أقلّ التعزير عشرة وأكثره عشرون، وهو خلاف ما ذكره الأصحاب من أنّ حدّه لا يبلغ حدّ الحرّ إن كان المعزّر حرّاً، وحدّ المملوك إن كان مملوكاً...»(2).

هذا، ويؤيد كلام المجلسي رضوان الله عليه نظر الشيخ الطوسي(رحمه الله) في الخلاف فراجع(3).

وعلى أيّ حال فمقتضى الجمع بين رواية إسحاق بن عمّار المحدّدة بما بين العشرة والعشرين ورواية حماد بن عثمان المحدّدة بما دون الحدّ هو حمل رواية إسحاق بن عمّار على ضرب من النصح في عدم المبالغة في الضرب والتأكيد على عدم تجاوز الحدّ الذي يستحقه العاصي، أمّا الحدّ الحقيقي لأكثر مستويات التعزير فهو ما جاء في رواية حماد من أنّه دون الحدّ.

يبقى الكلام في تفسير كلمة دون الحدّ:

1 ـ فقد تفسّر بما دون حدّ الزنا، فيكون أكثر مستويات التعزير هو تسعة وتسعون سوطاً، ويمكن استظهار ذلك من روايات ضرب الرجلين أو المرأتين أو الرجل والمرأة المجتمعين في لحاف واحد تسعة وتسعين سوطاً.


(1) الوسائل 18: 584، ب11 من بقية الحدود، ح1.
(2) الكافي 7: 240، ح1.
(3) الخلاف 3: 224، كتاب الأشربة، م14.