المولفات

المؤلفات > بحث في اللقطة ومجهول المالك

3

وما عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر، قال: سألته عن اللقطة؟ قال: "لا ترفعها، فإن ابتليت بها فعرّفها سنة، فإن جاء طالبها وإلا فاجعلها في عرض مالك يجري عليها ما يجري على مالك حتّى يجيء لها طالب، فإن لم يجئ لها طالب فأوص بها في وصيّتك"(1). وسند الحديث تامّ.

وما عن الحسين بن أبي العلا قال: ذكرنا لأبي عبد الله اللقطة، فقال "لا تعرّض لها؛ فإنّ الناس لو تركوها لجاء صاحبها حتّى يأخذها"(2). وسند الحديث تامّ.

وقد يقال: إنّ النواهي الواردة عن التقاط اللقطة تحمل على الكراهة، وذلك للأخبار التي بيّنت أحكام اللقطة من مثل التعريف مع سكوتها عن النهي عن الالتقاط، بينما لو كان حراماً كان ينبغي النهي، من قبيل رواية عليّ بن جعفر قال: وسألته عن الرجل يصيب درهماً أو ثوباً أو دابّة كيف يصنع؟ قال:

"يعرّفها سنة، فإن لم يعرف صاحبها حفظها في عرض ماله حتّى يجيء طالبها فيعطيها إيّاه، وإن مات أوصى بها، وهو لها ضامن"(3). وسند الحديث تامّ.

وقد يدغدغ في ذلك: بأنّ هذا السكوت قد لا يقاوم النهي الوارد، ولكن هناك ما تكون دلالته على جواز الالتقاط أقوى من هذا السكوت وبيان ذلك:

فأوّلاً: الروايات التي اقترن السكوت فيها بما هو ظاهر في التملّك أو شبه التملّك بعد التعريف، من قبيل رواية حنان قال: سأل رجل أبا عبد الله ـ وأنا أسمع ـ عن اللقطة، فقال: "تعرّفها سنة، فإن وجدت صاحبها وإلا فأنت أحقّ بها< وقال: "هي كسبيل مالك". وقال: "خيّره إذا جاءك بعد سنة بين أجرها وبين أن تغرمها له إذا كنت أكلتها"(4). فإذا ضممنا السكوت وما ظاهره التملّك أو شبه التملّك إلى استغراب التجويز في التملّك عرفاً مع فرض ارتكابه الحرام في أصل الالتقاط تقوى الدلالة العرفية على جواز الالتقاط.

ورواية الحلبي ـ التامّة سنداً ـ عن أبي عبد الله في اللقطة يجدها الرجل الفقير، أهو فيها بمنزلة الغنيّ؟ قال: "نعم". واللقطة يجدها الرجل ويأخذها؟ قال: "يعرّفها سنة، فإن جاء لها طالب وإلا فهي كسبيل ماله. وكان عليّ بن الحسين يقول لأهله: لا تمسّوها"(5).

فترى هنا يسكت عن النهي، ويحكم بأنّه كسبيل ماله بعد التعريف، ثمّ يذكر النهي بلسان لا يستفاد منه أكثر من الكراهة، حيث ينسب النهي إلى عليّ بن الحسين في مقام نصحه لأهله.

وتشبه هذه الرواية رواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر قال: سألته عن اللقطة يصيبها الرجل؟ قال: "يعرّفها سنة، ثمّ هي كسائر ماله"(6). وسند الحديث تامّ.


(1) المصدر السابق: 352، ح 10.
(2) المصدر السابق: 348، ب. من اللقطة، ح 2.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 292، باب اللقطة والضالة، ح 4049، وتهذيب الأحكام 6: 398، ح 1198، وسائل الشيعة 17: 352، ب. من اللقطة، ح 13 مع بعض الفوارق اللفظية.
(4) وسائل الشيعة 17: 350، ب. من اللقطة، ح 5.
(5) تهذيب الأحكام 6: 389، ح 1163. وقد قطّعه صاحب الوسائل في ج 17 على الأبواب 1: ح 1، و 2: ح 1، و 16: ح. من أبواب اللقطة، وفي الأخير لم يذكر المتن وإنّما ذكر رواية علي بن جعفر، وقال: إنّ رواية الحلبي نحوه.
(6) وسائل الشيعة 17: 352، ب. من اللقطة، ح 12.