المولفات

المؤلفات > محل الذبح في الحجّ

13

وأيضاً قد يُستدل على وجوب تأخير الحلق برواية عمار الساباطي التامّة سنداً على مسلك السيّد الخوئي القائل بوثاقة ابن أبي جيد، قال: سألت أبا عبد الله عن رجل حلق قبل أن يذبح، قال: «يذبح ويعيد الموسى؛ لأنّ الله تعالى يقول: ﴿وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾(1)»(2).

فيستفاد من قوله: «ويعيد الموسى» وجوب تأخير الذبح عن الحلق، إلّا أنّ جملة «ويعيد الموسى» محمولة على الاستحباب؛ بقرينة ما مضى من صحيح عبد الله بن سنان الذي قال: «لا بأس».

وأمّا خبر موسى بن القاسم عن عليّ: «لا يحلق رأسه ولا يزور حتى يضحّي»(3) فهو غير منته إلى المعصوم، ولا يبعد أن يكون المقصود بعليّ: عليّ بن أبي حمزة.

وعلى أيّة حال، فقد اتضح لنا من كل هذا البحث: أنّه لو أمكننا الذبح في وادي محسّر في اليوم الأوّل لم نحتج إلى سلوك هذا الطريق الطويل في الحديث، بل نقول: نفس العجز عن الذبح في منى في اليوم الأوّل يسوّغ لنا الذبح في نفس اليوم في وادي محسّر؛ بدليل موثقة سماعة(4)، ولو لم يمكن ذلك ولكن أمكننا الذبح في مكّة وما حواليها إلى مقدار نحتمل دخوله في عنوان «محله إلى البيت العتيق» بمعناه الواسع جاز لنا الذبح في مكة وما حواليها في نفس اليوم الأوّل؛ بدليل صحيح معاوية بن عمّار الوارد بشأن الناسي.

أمّا لو لم يمكن هذا ولا ذاك، فعندئذ تصل النوبة إلى التحلّل بالحلق في نفس اليوم الأوّل بالبيان الذي شرحناه في تفسير علاج السيّد الخوئي (رحمه الله) للموقف في المقام.

وأمّا الذبح فنؤجله إلى يوم الإمكان من أيّام التشريق، والأحوط اختيار اليومين الأوّلين منه إن أمكن، وإذا انتهت أيّام التشريق فإلى آخر ذي الحجة. ولا يبعد اختصاص لزوم التقيد بأيّام التشريق بخصوص فرض الذبح في منى، أمّا لو علمنا ببقاء المنع عن الذبح في منى ووادي محسّر إلى آخر أيّام التشريق، فلا دليل على خصوصية لذلك بعد تلك الأيّام، فيكفي الذبح في مكة، ولو لم يمكن الذبح في مكة وحواليها أيضاً إلى آخر ذي الحجة اُجّل إلى السنة المقبلة، ولو فرض سلب الإمكان بلحاظ جميع السنين ذَبَح في أيّ مكان شاء، فلو تجدّد الإمكان في سنة مقبلة جدّد الذبح في تلك السنة.

الأمر الثالث ـ يُنسب إلى سماحة الشيخ ناصر مكارم ـحفظه اللهـ القول بسقوط الذبح في تلك المنطقة في أيّامنا هذه والتي لا يمكن فيها إطعام الأضاحي لمستحقيها، والاحتياط يقتضي الذبح أيّام ذي الحجة في أيّ مكان آخر ولو كان نفس بلد الحاج، والأولى التفاهم بين الحاج ومتعلقيه على الذبح في نفس اليوم العاشر قبل بقية الأعمال، ولا نوجب ذلك؛ للزوم العسر والحرج على كثير من الحجّاج.


(1) سورة البقرة، الآية: 196.
(2) وسائل الشيعة 14: 158، باب 39 من أبواب الذبح، ح 8.
(3) المصدر السابق: ح 9.
(4) وسائل الشيعة 13: 535، ب 11 من إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، ح 4.