المولفات

المؤلفات > محل الذبح في الحجّ

18

وقد فاته ـ حفظه الله ـ أنّ مقدمية الوضوء للطواف شرعية، في حين أنّ مقدمية الذبح للإطعام عقلية، ففي الطواف لا يمكن تبديل الوضوء بشيء آخر، لكن الذبح ـبعد اعتبار مقدميته فرضاً بحتاًـ يمكن تبديله بشراء اللحم من اللحّام، فلعلّه في زمان النص لم يكن اللحامون قادرين على تلبية حاجات تمام الحجاج من اللحم بقدر الذبائح، فكانت الطريقة المعقولة أن يهيّئ كلّ حاجّ حيواناً للذبح، أمّا اليوم فبالإمكان تحصيل الهدف بشراء اللحوم من اللحامين.

وأيضاً لو كان الذبح مقدمة للإطعام بلا ملاك نفسي فيه، فلماذا يذبح في منى لدى القدرة؟! وأيّ عيب في الذبح قبل منى أو قبل مكة وتأجيل الإطعام به إلى منى؟!

فكلّ هذا يعني أنّ هناك ملاكاً نفسياً في الذبح، وبعد فرض ثبوت الملاك النفسي في الذبح لا أدري ما هو الذي يُثبت لنا وحدة المطلوب؟! إلّا بمعنى وحدة المطلوب بلحاظ كل أعمال الحجّ التي هي مركب واحد ارتباطي.

ولو نظرنا إلى هذا الجانب لكان معناه سقوط أصل الحجّ، ولو قطعنا النظر عن ذلك فالأصل لدى تعدد الأمر هو الانحلال؛ لأنّ الارتباط هو القيد الزائد والمؤونة الزائدة في الكلام.

وأمّا استشهاده لمقومية الإطعام للهدي بخلاف قيد منى برواية: «إنّما جعل الله هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من اللحوم»(1)، فقد اعترض هو على نفسه في ذلك ـكما مضىـ: بأنّ المقصود به الاُضحية المستحبة لكلّ أحد، وأجاب على ذلك: بأنّ الإطلاق شامل لاُضحية الحجّ.

أقـول: إنّ اُضحية الحجّ مصداق لمطلق الاُضحية وداخل في جعل الأضحى على العموم، وعليه جعلٌ آخر وجوبي وضمني في الحجّ، وليكن الملاك في الجعل الأوّل منحصراً في إشباع المساكين، ولكن لا يدلّ ذلك على انحصار ملاك الجعل الثاني أيضاً فيه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين


(1) وسائل الشيعة 14: 167، ب. من الذبح، ح 11.