المولفات

المؤلفات > تصوّرات عامّة عن الملك

43

التفسير الثاني: هو التفسير المختار له، وقد بناه على الجواب الثاني من جوابيه على إشكال ملكيّة المنفعة، وهو أنّ سكنى الدار وإن كانت من أعراض الساكن ولكن بما أنّ لها نسبة إلى الدار ومساساً بها جعلت ملكاً لصاحب الدار، وذاك التفسير هو أنّ منفعة الدار هي طبيعيّ سكناها من دون لحاظ قيامها بزيد أو عمرو، فإذا ملّكها المؤجر للمستأجر فقد ملك طبيعيّ السكنى وهي قابلة للتمليك لآخر لتحقّق هذا الطبيعيّ في مقام الاستيفاء من كلّ أحد، بخلاف العارية الموجبة لملك الانتفاع، فإنـّها تمليك سكنى زيد لزيد مثلا، ولا يعقل استيفاؤها إلّا من زيد، فلذا لا يعقل نقلها من المستعير، قال: وحصول هذه النتيجة بعقد الإجارة مع شرط الاستيفاء بنفسه لا يوجب نفي الفرق بين الإجارة والعارية من هذه الناحية، ولا عدم الفرق بين ملك المنفعة وملك الانتفاع، فإنّ اختلاف الحقيقة بالنظر إلى نفس الذات ومقتضياتها محفوظ كما لا يخفى.

التفسير الثالث: ما نقله عن بعض من أنّ ملك العين وملك المنفعة وملك الانتفاع كلّها تقع على العين وإن اختلفت في الشدّة والضعف، فملك العين أقوى مرتبة من ملك المنفعة، وملك المنفعة أقوى مرتبة من ملك الانتفاع، فإنّ ملك العين عبارة عن ملكها بجميع جهاتها، وملك المنفعة عبارة عن ملك العين من جهة تلك المنفعة ملكيّة مستقلّة، وملك الانتفاع أيضاً عبارة عن ملك المنفعة الراجع إلى ملك العين من تلك الجهة ولكن لا بالاستقلال، ولهذا جاز للمستأجر نقل المنفعة لأنّ ملكه للعين في تلك الجهة كان مستقلاًّ، ولم يجز للمستعير نقل المنفعة، لأنّ ملكه للعين في تلك الجهة ليس مستقلاًّ.

وذكر المحقّق الإصفهاني (رحمه الله): أنّ بعض من عاصره دفع بهذا الوجه إشكال معدوميّة المنفعة وعدم تعلّق الملك بالمعدوم، وإشكال كون المنفعة عرضاً من أعراض المستأجر ولا يملكه المؤجر، حيث قد عرفت أنّ المنفعة ليست هي المملوكة حتى يرد هذان الإشكالان، بل العين هي المملوكة في مدّة خاصّة لجهة مخصوصة.