المولفات

المؤلفات > صلاة الجمعة في عصر الغيبة

3

أمّا التفصيل بين الوجوبين بأن نعترف بأنّ وجوب الإقامة خاصّ بالحاكم العدل ونقول في نفس الوقت بأنّه لو أقامها غير الحاكم ممّن يصحّ الاقتداء به وجب الحضور، فيمكن تخريجه بأحد وجوه:

1 ـ أن يُدّعى أنّ المقيّد للإطلاقات هو الإجماع دون الارتكاز، وأنّ القدر الثابت من الإجماع إنّما هو الإجماع على تقيّد الوجوب الأوّل.

ولكن قد عرفت أنّ الارتكاز مقيّد في المقام.

2 ـ أن يُجعل المقيّد هو الارتكاز ويقتصر في الارتكاز على ما كان ثابتاً عملاً وقتئذ من كون إقامة الجمعة شأن الحكّام، أمّا أنّه لو أقامها غير الحاكم أو نائبه فهل على الناس الحضور عند الاطّلاع أو لا؟ فهذا ما لم يتّفق عملاً وقتئذ، فيدّعى الجزم بعدم ارتكاز لعدم الوجوب وقتئذ للحضور، فنتمسّك بالإطلاقات الناظرة إلى خصوص الوجوب الثاني.

ولكن لاجزم لنا بعدم التوسعة في الارتكاز، على أنّه لايبعد مقيّديّة رواية زرارة الماضية(1)، وهي تقيّد كلا الوجوبين.

3 ـ أن يجعل المقيّد هو الأخبار الماضية التي ذكرناها كتأييد لوجود ارتكاز من هذا القبيل مع إنكار مقيّديّة الخبر الأوّل منها بدعوى عدم ظهور لكلمة الإمام فيه في الحاكم، فمن المحتمل كون المقصود به إمام الجماعة، وقد عرفت أنّ باقي الأخبار لو قيّدت فإنّما تقيّد الوجوب الأوّل، وحينئذ لو كان كلا الوجوبين ثابتين بإطلاق واحد لاَنخرم إطلاق الوجوب الثاني أيضاً بوحدة السياق، لكن عرفت أنّ بعض الإطلاقات خاصّ بالوجوب الثاني فيبقى على حاله.

4 ـ أن يقال: إنّ المقيّد هو احتمال الارتكاز الثابت في كلّ الروايات المطلقة ولكن الآية الشريفة سليمة عن هذا الاحتمال؛ إذ لم يكن ارتكاز في أوّل تشريع صلاة الجمعة، والآية لاتدلّ إلّا على الوجوب الثاني، وهو السعي إذا نودي للصلاة في يوم الجمعة.

إلّا أنّنا لو آمنّا بمقيّديّة الرواية الاُولى من الروايات التي جعلناها مؤيّدة لفرضيّة الارتكاز ـوهي رواية زرارة الماضية(2)ـ فهي تقيّد الآية أيضاً.

على أنّه لايبعد انصراف الآية إلى نداء الحاكم باعتبار أنّ النداء والإعلان هو عادة شأن الحاكم، أمّا غيره فقد يخبر بعض أصدقائه عن إقامته لصلاة الجمعة، لكن هذا لايسمّى نداءً.


(1) الوسائل، ج 5، ب. من صلاة الجمعة، ح. و 12.
(2) الوسائل، ج 5، ب. من صلاة الجمعة، ح. و 12.