المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (1)

1



تزكية النفس من منظور الثقلين (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

المـدخـل

﴿بسم الله الرحمن الرحيم. وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا. وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا. وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا. وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا. وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا. وَالاَْرْضِ وَمَا طَحَاهَا. وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾(1)

إنَّ العمل في سبيل تزكية النفس ضروريٌّ لكلِّ إنسان مؤمن إِلى آخر عمره، ولن يصل إِلى مستوىً يغنيه عن مجاهدة النفس وطلب التقوى والتزكية؛ وذلك لأمرين:

أوّلاً: إِنَّ الكمال لا يتناهى ـ والكمال المطلق هو الله سبحانه وتعالى ـ فلن يصلَ العبد يوماً ما إِلى نهاية طريق غير متناه فلا يحقُّ له أن يقول يوماً: إِنَّني اكتفيت.

وثانياً: إِنَّه لو فُرِضَ لأَحد من السالكين إن أراد ـ لا سمح الله ـ الوقوف على حدٍّ معين من التزكية، فليس تركه لعمليّة المجاهدة والتزكية سبباً لوقوفه في حدِّه، بل يكون سبباً لتراجعه القهقرى، تماماً كالجسد الذي لو لم يصله طعامه لتحلَّلت قواه، ولانهدَّت أركانُه.

وقلَّ ما يصل أحدٌ إِلى مستوى من قال الله تعالى بشأنه: ﴿واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنا...﴾(2) فسواءٌ فُسِّرت الآيات التي آتاها الله تعالى إِيِّاه بمعنى أسماء الله العظمى، أو بأَيِّ تفسير آخر، لا إشكال في أَنَّ هذا التعبير يدلُّ على وصول هذا الشخص إِلى مقامات سامية يندر أن يصلَ إليها أحد، ولكنّه مع ذلك لم يسلم من الانزلاق إِلى حدٍّ إِنَّ الله ـ سبحانه ـ قال بشأنه: ﴿فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ* ولَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلى الأرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾(3).


(1) السورة 91، الشمس، الآية:. إلى 10.
(2) السورة 7، الأعراف، الآية: 175.
(3) السورة 7، الأعراف، الآيتان: 175 ـ 176.