المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (1)

4

إِنَّ السلوك إِلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ بعد تكميل أُصول العقائد بحاجة إِلى أركان ثلاثة: إِلى كتاب يكون دستوراً لعمله، وإِلى عبادة بينه وبين ربِّه يختلي فيها مع الله سبحانه، وإِلى سلوك مع الطبيعة ومع الناس، أو قلْ: ارتباط مع المخلوقات، فالكتاب الأوَّل هو: القرآن الكريم، والعبادة الأُولى هي: الصلاة، والارتباط الأوّل بالطبيعة وبالناس هو: كشف أسرار الطبيعة، واستثمارها في سبيل مصالح الناس وارتباط الرعاية، والهداية، وقضاء الحوائج للناس. وبكلمة مختصرة: العمل معهم بما تقتضيه خلافة الله عزَّ وجلَّ على وجه الأرض.

وممَّا يشهد للأوّل ـ أعني ضرورة جعل القرآن كتاباً للدستور والتدبُّر فيه ـ قوله سبحانه وتعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب أَقْفالُهَا﴾(1).

وممَّا يشهد للثاني ـ أَعني: أَنَّ أوّل العبادات التي يتقرَّب بها إِلى الله والتي تكون هي أَساس تهذيب النفس ـ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ والمُنْكَرِ...﴾(2).

وممَّا يشهد للثالث ـ أَعني: ضرورة كون الارتباط بالطبيعة والناس ارتباط الخلافة ـ قوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً...﴾(3).

فإِنَّ الذي يبدو لنا: أَنَّ المقصود بالخلافة خلافة الله، وليس خلافة إِنسان سابق على وجه الأرض؛ لأَنَّ المتكلم إِذا أَطلق كلمة. الخليفة. وأَراد الخلافة عن غير نفسه، كان عليه ذكر غيره. وأيضاً الذي يبدو لنا هو: أَنَّ المقصود خلافة البشر لاخلافة آدم (عليه السلام) بالخصوص، كما يشهد لذلك اعتراض الملائكة بقولهم: ﴿أَتَجْعَل فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ...﴾.

وعليه نحصر حديثنا في المَدخل بكلمات مختصرة عن خمس نقاط:


(1) السورة 47، محمّد (صلى الله عليه وآله)، الآية: 24.
(2) السورة 29، العنكبوت، الآية: 45.
(3) السورة 2، البقرة، الآية: 30.