المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (4) حقائق عن التّصوّف

1



تزكية النفس من منظور الثقلين (4)
حقائق عن التّصوّف

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّنا لا نستبعد أن يكون انتماء كثير من السُنّة إِلى سلك التصوّف نتيجةً لتعطّشهم إِلى الجانب الروحي، وعدم إمتلاكهم المعين الصافي للقضايا الروحيّة الذي كانت الشيعة تمتلكه، وهو: معين أئمّتهم سلام الله عليهم؛ ولذا ربّما لا ترى بلحاظ عصر حضور الأئمّة (عليهم السلام). أيَّ رواج لسلك التصوّف لدى الشيعة، وإنّما بدأ ذلك ببداية عصر الغيبة. وأظنّ أنّ أوّل شيعي أو متشيّع أظهر هذا الأمر وبدأ يدعو الناس إليه هو: حسين بن منصور الحلاّج. ويعدّه المتصوّفون من أنفسهم، وكان إضافة إِلى هذه الحالة يدّعي البابيّة للإمام صاحب الزمان عجَّل الله فرجه على ما رواه الشيخ الطوسي (رحمه الله) في كتاب الغيبة بسنده إِلى الحسين بن عليّبن الحسين أخي الشيخ الصدوق (رحمه الله): من أنّ حسين بن منصور الحلاّج كتب رسالة إِلى قرابة أبي الحسن ـ والد الصدوق ـ يستدعيه ويستدعي أبا الحسن أيضاً، ويقول: أنا رسول الإِمام ووكيله، قال: فلمّا وقعت المكاتبة في يد أبي (رضي الله عنه) خرقها، وقال لموصلها إليه: ما أفرغك للجهالات....(1).

ولعلّ أوّل من سُمِّي باسم التصوّف أو من أوائلهم الحسن البصري المتولد سنة(22)، والمتوفّى سنة (110) هجرية.

وقال الشيخ المطهّري (رحمه الله): إنّ الحسن البصري لم يكن يُسمّى في عصره صوفيّاً، وإنّما سُمِّيَ بعد ذلك بهذا الاسم؛ أوّلاً: بسبب كتاب ألّفه باسم (رعاية حقوق الله) والذي يمكن أن يُفترَض أوّل كتاب للتصوّف؛ وثانياً: بسبب أنّ العرفاء ينهون بعض سلاسل طريقتهم إِليه، ومنه إِلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، من قبيل سلسلة مشايخ أبي سعيد أبي الخير...(2).

أقول: وبهذه المناسبة أذكر بعض ما ورد في رواياتنا عن أهل البيت (عليهم السلام) بشأن الحسن البصري:

1 ـ ورد في الوسائل(3) عن عبدالله بن سليمان قال: «سمعت أبا جعفر (عليه السلام) وعنده رجل من أهل البصرة، وهو يقول: إنّ الحسن البصري يزعم أنّ الذين يكتمون العلم تُؤذي ريح بطونهم أهل النار، فقال ابو جعفر (عليه السلام): فهلك إذن مؤمن آل فرعون، مازال العلم مكتوماً منذ بعث الله نوحاً، فليذهب الحسن يميناً وشمالاً فوالله ما يوجد العلم إلّا هاهنا».


(1) هكذا ورد فيما عندي من نسخة معجم رجال الحديث، ولكن ورد في تنقيح المقال: أسلم أبواه.
(2) تنقيح المقال 3/229.
(3) راجع البحار: 51/370.