المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (5) ثوب التّقوى وحقيقته

13

ولا أقصد بنفي هذا الاحتمال نفيه على أساس العصمة؛ كي يدّعى في مقابل ذلك أنّ فرض الآية فرض غضّ النظر عن العصمة بناءً على تفسير التثبيت في قوله تعالى: ﴿ولولا أن ثبتناك...﴾ بالعصمة اي: لولا العصمة الربّانية لك لكنت تركن إليهم شيئاً قليلاً، بل أقصد بذلك: أنّه حتى مع غض النظر عن الإيمان بعصمة الأنبياء لا يُحتمَل ركون النبي (صلى الله عليه و آله) إِلى المشركين فيما يريدونه من الافتراء على الله؛ لأنّ هذا من أكبر الكبائر،ولو فُرِضَ عدم العصمة للنبي (صلى الله عليه و آله) لكان يعني ذلك: ارتكابه لصغيرة ما مثلاً، لا ارتكابه لما هو من أكبر الكبائر، وهو الافتراء على الله.

وإذن، فليس ركونه (صلى الله عليه و آله) إليهم الذي كاد أن يتورّط فيه لولا تثبيت الله إيّاه إلا مجرد إبداء نوع من المداهنة أو التعاطف معهم بنيّة استمالتهم بالتدريج عن هذا الطريق إِلى الإسلام. وهذا لو صدر منّا نحن الاعتياديين لعلّه كان يعدّ من الحسنات والفضائل، ولكن المقام الشامخ للنبي (صلى الله عليه و آله) لا يناسب التورط في شيء من هذا القبيل، بل المفروض به أن يتّخذ ماهو أصلح من ذلك.

وبعد هذا تبدو في بادئ الأمر قسوة عظيمة على النبي (صلى الله عليه و آله) في قوله تعالى: ﴿اذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً﴾ فلماذا هكذا قسوة على ترك ماهو أولى، أو على فعل ماهو من حسنات الأبرار، ولكنّه من سيّئات المقربين؟!