المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (5) ثوب التّقوى وحقيقته

16

وهناك روايات أُخرى تدلّ على أنّ بلاء المؤمن كفّارة لذنوبه(1).

ومن الروايات الطريفة التي تنسجم مع كلا التفسيرين الماضيين ما رواه الكليني (رحمه الله) في أُصول الكافي(2) عن الصادق (عليه السلام) قال: «دُعي النبي (صلى الله عليه و آله) إِلى طعام، فلمّا دخل منزل الرجل نظر إِلى دجاجة فوق حائط قد باضت، فتقع البيضة على وتد في حائط، فثبتت عليه، ولم تسقط، ولم تنكسر، فتعجّب النبي (صلى الله عليه و آله) منها، فقال له الرجل: أعجبت من هذه البيضة؟ فوالذي بعثك بالحقِّ ما رُزئت شيئاً قطّ، فنهض رسول الله (صلى الله عليه و آله) ولم يأكل من طعامه شيئاً، وقال: من لم يُرزَء فما لله فيه من حاجة».

وهناك تفسير ثالث لتلك الروايات التي تثبت البلاء للأنبياء، ثُمّ للأولياء، ثُمّ للأمثل فالأمثل، وهو: أن يكون المقصود بالبلاء: الامتحان لا المصائب والمحن، والامتحان كما قد يكون بالمصائب والمحن كذلك قد يكون بالنعم والخيرات، كما قال الله تعالى: ﴿... ونبلوكم بالشر والخير فتنةً وإلينا تُرجعون﴾(3)وكما قال الله تعالى عن لسان سليمان: ﴿... فلمّا رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر...﴾(4).


(1) من قبيل ما في البحار 67/230، 232، باب شدّة ابتلاء المؤمن، الحديثان 43 و 48.
(2) أُصول الكافي 2/256، باب شدة ابتلاء المؤمن، الحديث 20.
(3) السورة 21، الأنبياء، الآية: 35.
(4) السورة ۲۷، النمل، الآية: ٤٠.