المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (7) التّوبة والأنابة (2)

8

وقد قيل(1): إنّ ذلك يكون باُمور ثلاثة: بتعظيم الحقّ جلّ وعلا، ومعرفة النفس، وتصديق الوعيد.

أمّا تعظيم الحقّ جلّ وعلا فهذا ما يوجب فهم عظمة المعصية؛ لأنّ عظمة المعصية تكون بتناسب عظمة المولى الذي عصاه العبد.

وقد ورد عن الصادق (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) من عرف الله وعظّمه منع فاه من الكلام (طبعاً المقصود الكلام الذي لا يعنيه) وبطنه من الطعام (والمقصود هو الصوم أو عدم التخمة) وعفى(2) نفسه بالصيام والقيام. قالوا: بآبائنا وأُمّهاتنا يا رسول الله هؤلاء أولياء الله، قال: إنّ أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذكراً، ونظروا فكان نظرهم عبرة، ونطقوا فكان نطقهم حكمة، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة. لولا الآجال التي قد كتب الله عليهم لم تقرّ أرواحهم في أجسادهم خوفاً من العقاب وشوقاً إلى الثواب»(3).

وممّا يشير إلى أنّ العاصي يجب أن يلتفت إلى عظمة مَنْ عصاه ما ورد في دعاء أبي حمزة: «... أنا الذي عصيت جبّار السماء...»(4).

وأمّا معرفة النفس فلو عرف الإنسان خسّة نفسه، وفقره الذاتي، واحتياجه الكامل إلى الله سبحانه وتعالى، التفت إلى عِظم الذنب أكثر فأكثر، واتّجه إلى التوبة بشكل أقوى.

ومن الروايات الطريفة الواردة بشأن النفس ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) وهو ما يلي:


(1) راجع منازل السائرين الباب. من البدايات، باب اليقظة.
(2) لعلّ الصحيح كتبه بالألف، أي: (عفا) أي: طلب معروف نفسه بالصيام والقيام.
(3) البحار 69/288 ـ 289.
(4) مفاتيح الجنان، دعاء أبي حمزة.