المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (7) التّوبة والأنابة (3)

16

لما كثرت انتصارات الإسلام أراد وحشي أن يسلم، لكنّه كان يخشى عدم قبول إسلامه، فنزلت الآية، فأسلم، وقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «كيف قتلت عمّي حمزة؟ فذكر وحشي قِصّة قتله لحمزة (رحمه الله)، فبكى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بكاءً شديداً، وقَبِل توبته، ولكنّه قال له: غيّب وجهك عنّي، فإنّي لا استطيع النظر إليك. فلحق بالشام، فمات في أرض تُسمّى بالخمر.

وورد في تفسير الفخر الرازي: لما أسلم وحشي بناءً على هذه الآية قيل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): «هذه له خاصّة أم للمسلمين عامّة؟ فقال: بل للمسلمين عامّة»(1).

وثانيها ـ ما رواه في تفسير نمونه(2) باختصار عن تفسير أبي الفتوح الرازيج9 ص412 من أنّ شاباً جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) باكياً مع شدّة التأثّر، وكان يقول: إنّي أخشى من غضب الله، قال له الرسول (صلى الله عليه و آله): هل أشركت؟ قال: لا، قال: هل قتلت أحداً بغير حق؟ قال: لا، قال (صلى الله عليه و آله): يغفر الله لك ذنوبك مهما كثرت، قال: إنّ ذنبي أعظم من السماء والأرض والعرش والكرسيّ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): هل أنّ ذنبك أعظم من الله؟! قال: لا، الله أكبر من كلّ شيء، قال له: تب فإنّ الإله العظيم يغفر الذنب العظيم.

ثُمّ قال له: اذكر لي ذنبك: قال: استحي منك من ذكره، قال (صلى الله عليه و آله): اذكره لنا كي نعرف ماهو هذا الذنب، قال: كنت أنبش القبور سبع سنين، وأسرق أكفان الموتى إلى أن انتهيت إلى قبر أنصاريّة، وبعد أن أخذت كفنها وسوستني نفسي، وهنا يشرح فعلته الشنيعة معها، فغضب رسول الله (صلى الله عليه و آله) وقال: أخرجوا هذا الفاسق عنّي، وقال له: ما أقربك من النار، فخرج وكان يبكي بكاءً عظيماً، وذهب إلى الصحراء، وكان يقول: يا إله محمّد (صلى الله عليه و آله) إن قبلت توبتي أخبر رسولك بذلك، وإلّا فأرسل صاعقة من السماء وأحرقني بها، وأنجني بذلك من عذاب الآخرة، فنزلت الآية: ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله...﴾.


(1) التفسير الكبير للفخر الرازي 27/4.
(2) تفسير «نمونه» 19. 507 ـ 508.