المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (8) محــاســبة النفس (1)

3

وكيف يصح ترك الاهتمام بالمحاسبة في حين أنّ وراءنا محاسبة عظيمة من قبل الله تعالى، كما أخبرنا القرآن به في أكثر من مورد، منها:

1 ـ ﴿ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وان كان مثقال حبّة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين﴾(1).

2 ـ ﴿يا بنيّ إنها إن تك مثقال حبّة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله ان الله لطيف خبير﴾(2).

ويحتمل أن تكون الآية الثانية بل ولعلّ الأولى ـ أيضاً ـ مشيرة إلى بقاء الأعمال بتموّجاتها الهوائية، وتأثيراتها المادّية، وتجزّؤها كمثقال حبّة من خردل، وتفرّقها، وانتشارها في السماوات والأرض، وأنّ الله ـتعالى ـ يجمعها يوم القيامة، ويجسّمها أمام فاعلها، فواسوأتاه على أعمالنا القبيحة.

وهناك روايات واردة عن المعصومين (عليهم السلام) في باب المحاسبة، وذلك من قبيل:

1 ـ ما عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «ابن آدم! إنّك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همّك، وما كان الخوف لك شعاراً، والحزن لك دثاراً، ابن آدم! إنّك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله فأعدّ جواباً»(3).

قوله: «وما كان الخوف لك شعاراً، والحزن لك دثاراً» قد فسّر الشعار والدثار في اللغة بمعنى الثوب الداخلي والثوب الفوقاني؛ ولهذا يحتمل أن تكون الأصحّ النسخة التي وردت هكذا: «وما كان الخوف لك شعاراً، والحذر لك دثاراً»(4)؛وذلك لأنّ الخوف أمر باطني، فيناسب تشبيهه بالشعار، والحذر أمر ظاهري، فيناسب تشبيهه بالدثار، في حين أنّ الخوف والحزن من هذه الناحية سيّان، فلا تُرى نكتةٌ في جعل الأوّل شعاراً والثاني دثاراً.


(1) السورة 21، الانبياء، الآية: 47.
(2) السورة 31، لقمان، الآية: 16.
(3) الوسائل 16/96، الباب 96 من جهاد النفس، الحديث 3.
(4) البحار 78/137 نقلاً عن تحف العقول.