المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (8) محــاســبة النفس (2)

9

السماع

ذكر بعض أهل العرفان الكاذب المنحرف عن خطّ أهل البيت (عليهم السلام) أنّ من بدايات السلوك إلى الله الالتزام الهادف بالسَماع؛ لأنّ السَماع ـ وهو الغناء ـ يحدو كلّ أحد إلى مقصده، فيؤثّر في نفس السالك إلى الله ـ أيضاً ـ في حدوه إلى مقصده الخاص به(1).

ومن المضحك استشهاده(2) لذلك بقوله تعالى: ﴿لو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم...﴾(3).

في حين أنّه لا علاقة للسماع بمعنى الغناء بسماع الخير والهداية، إلّا توهّمه الذي ذكرناه آنفاً، وحتى لو غضضنا النظر عمّا هو ثابت في فقه أهل البيت (عليهم السلام) من حرمة الغناء نقول:

إنّ السَماع يحرّك في النفس الهواجس الكامنة تحريكاً لهويّاً، وليس السالك إلى الله مفنياً ومُنهيا لتلك الهواجس، وغاية ما يفترض بشأنه سيطرته عليها لمحاولة خنقها كالنار تحت الرماد، والسماع يُذكيها مرّة أُخرى، ويسلك بصاحبه إلى الشيطان لا إلى الله.

إلّا أنّ الذي ينحرف عن خط أهل البيت (عليهم السلام) لا نتوقّع منه أكثر من هذا الفهم ﴿... ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور﴾(4).

ويقول السيد الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) نقلاً عن استاذ له: إنّ أكثر ما يسبّب فقد الإنسان العزم والإرادة هو استماع الغناء(5).

الحزن

قال الله تعالى: ﴿ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حَزناً أن لا يجدوا ما ينفقون﴾(6).


(1) راجع منازل السائرين باب السَماع، وهو الباب العاشر من البدايات، وشرحه لكمال الدين عبدالرزاق الكاشاني: 44.
(2) راجع منازل السائرين باب السَماع، وهو الباب العاشر من البدايات، وشرحه لكمال الدين عبدالرزاق الكاشاني: 44.
(3) السورة 8، الأنفال، الآية: 23.
(4) السورة 24، النور، الآية: 40.
(5) كتاب (الأربعون حديثاً) في ذيل الحديث الأوّل: 25.
(6) السورة 9، التوبة، الآية: 92.