المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

114

في مقتضاه يعني استناد عدم ذاك المقتضى إليه، وهذا يعني كون ترك الأهمّ متأخّراً عن الأمر بالمهمّ ومتوقّفاً عليه، وقد كان الأمر بالمهمّ متأخّراً عن ترك الأهمّ ومتوقّفاً عليه، وهذا دور.

وأمّا مانعيّة الأمر بالأهمّ عن تأثير الأمر بالمهمّ، فبرهان استحالتها: أنّ الأمر بالأهمّ متى يمنع عن تأثير الأمر بالمهمّ؟ هل عند وجود الأمر بالمهمّ، أو عند عدمه؟ أمّا عند عدمه فغير معقول؛ إذ مانعيّة شيء عن تأثير مقتض فرع وجود ذلك المقتضي. وأمّا عند وجوده فأيضاً غير معقول؛ فإنّ وجود الأمر بالمهمّ مساوقٌ لوجود موضوعه، وهو ترك الأهمّ، وهذا معناه حرمان الأمر بالأهمّ عن التأثير في نفسه، ومن الواضح أنّ أحد المقتضيين لو حرم عن التأثير في نفسه ـ وبغضّ النظر عن مزاحمه ـ كان من المستحيل مصادمته لمزاحمه، أعني: المقتضي الآخر ومنعه عن تأثيره في مقتضاه.

فإذا تبرهن عدم مانعيّة أحد الأمرين عن تأثير الأمر الآخر، وقلنا: إنّه لا تصادم بين الأمرين بغضّ النظر عن مسألة التزاحم في التأثير، لم يبق مانع عن إمكان الترتّب. وهذا المقدار من البيان كاف لإثبات إمكان الترتّب، بلا حاجة إلى ضمّ ضمائم اُخرى إليه ممّا جاءت في كلام المحقّق النائينيّ(رحمه الله).

البيان الثاني: هو تصعيد المطلب بإنكار أصل التضادّ بين متعلّقي الإرادة، وهو موقوف على مطلب برهنّا عليه في بحث الواجب المطلق والمشروط، وهو: أنّ الإرادة المشروطة ترجع في واقعها إلى الإرادة المطلقة للجامع بين عدم الشرط ووجود المشروط، فإرادة شرب الماء بشرط العطش مرجعها إلى الإرادة المطلقة للجامع بين عدم العطش وشرب الماء.

وعليه نقول في المقام: إنّ الأمر بالمهمّ ـ على تقدير ترك الأهمّ ـ مرجعه بحسب روحه إلى الأمر بالجامع بين فعل الأهمّ وفعل المهمّ، ومن الواضح أنّه لا