المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

118

الموضوع. بينما في فرض الأمرين العرضيّين بضدّين ليس قادراً على التجنّب عن كلتا المعصيتين جمعاً؛ إذ لابدّ له من ترك أحد الضدّين وهو معصية.

وقد اتّضح بكلّ ما ذكرناه الجواب على كلّ ما كان ينبغي أن نذكره من الشبهات الثبوتيّة في تصوير الترتّب، فالشبهات الجانبيّة قد اتّضح جوابها في الجهة الخامسة، وأصل الشبهة الرئيسة ـ وهي لزوم الأمر بضدّين مع عدم القدرة على الجمع بينهما ـ عرفت جوابه في برهاننا على إمكان الترتّب، وشبهة تعدّد العقاب أيضاً قد عرفت جوابها.

 

شبهة إثباتيّة في المقام والكلام في إبطالها:

بقيت في المقام شبهة إثباتيّة، وهي: أنّ الترتّب وإن كان ممكناً ولكن ظاهر دليلي الأمر بالصلاة والإزالة ـ مثلا ـ إنّما هو أمران عرضيّان، فما هو ممكن لم يدلّ عليه الدليل إثباتاً، وما دلّ عليه الدليل إثباتاً غير ممكن.

وقد أجاب على ذلك المحقّق النائينيّ(رحمه الله) بجوابين:

الجواب الأوّل: أنّه بعد الجزم بعدم إمكان الأمر بضدّين عرضيّاً، دار الأمر بين رفع اليد عن إطلاق دليل وجوب الصلاة ـ مثلا ـ بمقدار فرض الانشغال بالإزالة التي هي أهمّ، أو رفع اليد عنه أكثر من ذلك، أي: حتّى إذا لم ينشغل بها، فمادامت الصلاة مبتلاة بالمزاحم فهي غير واجبة. والتقييد بمقدار فرض الانشغال بالأهمّ متيقّن، والزائد على ذلك مشكوك يتمسّك فيه بالإطلاق، فلا موجب لرفع اليد عن أصل وجوب المهمّ مع إطلاق دليله، وإنّما نرفع اليد عن إطلاق وجوبه.

أقول: إنّ هذا اللحن من الجواب لا يخلو من مسامحة، فكأنّما قد فُرض فيه: أنّه لابدّ من رفع اليد عن شيء من إطلاق دليل المهمّ؛ لتعارضه وتصادمه مع الأهمّ، في حين أنّ الواقع هو أنّه بناءً على إمكان الترتّب ـ كما قلنا فيما سبق ـ ينفصل باب التزاحم عن باب التعارض نهائيّاً، ولا توجد أيّ مصادمة بين الدليلين،