المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

119

ولا نرفع اليد عن شيء من إطلاق دليل المهمّ أصلا؛ وذلك لأنّ دليل كلّ واجب هو بنفسه مقيّد بمقيّد لبّي متّصل ـ سواءً كان مبتلى بمزاحم، وقلنا بإمكان الترتّب، أو لا ـ وهو التقييد بعدم انشغال المكلّف بالأهمّ أو المساوي، على ما سوف تأتي البرهنة عليه في بحث التزاحم، ونحن لا نحتاج في المقام إلى رفع اليد عن إطلاق الدليل وتقييده بأزيد من هذا التقييد اللبّيّ المتّصل العامّ.

فليس الأمر دائراً بين رفع اليد عن إطلاق وجوب المهمّ أو أصل وجوبه، أو بين تقييد أقلّ وتقييد أكثر، وإنّما الأمر دائر بين التقييد وعدمه، أو قل: بين رفع اليد عن وجوب المهمّ وعدمه. ومن الواضح أنّه في مثل ذلك يجب الأخذ بدليل وجوب الصلاة، ويثبت به وبدليل وجوب الإزالة: الترتّب بلا أيّ تقييد. ولعلّ هذا هو حاقّ مراد المحقّق النائينيّ(رحمه الله)، وكأنّه إنّما عبّر بذاك التعبير لإدخاله ذلك التقييد اللبّيّ المتّصل في الحساب.

الجواب الثاني: أنّنا بإمكاننا أن نستكشف الخطاب الترتّبيّ بالبرهان اللمّيّ عن طريق العلم بوجود الملاك؛ حيث إنّ التزاحم لا يرفع الملاك، فهذا يكفينا في إثبات المقصود بلا حاجة إلى دليل لفظيّ.

ويرد عليه: ما تقدّم فيما مضى من أنّه عند افتراض سقوط الخطاب اللفظيّ بمدلوله المطابقيّ، لا طريق إلى استكشاف مدلوله الالتزاميّ، وهو الملاك. وقد تقدّم ذكر محاولات للمحقّق النائينيّ(رحمه الله)وغيره لإثبات الملاك مع إبطالها.

على أنّه لو تمّ ثبوت الملاك في المقام ـ كما يقوله المحقّق النائينيّ(رحمه الله) ـ لم تبق أيّ ثمرة للقول بإمكان الترتّب وامتناعه؛ فإنّ القائل بامتناع الترتّب أيضاً يستكشف من ثبوت الملاك خطاباً حافظاً للملاك، غاية الأمر أنّه يستشكل في الخطاب الترتّبيّ، فيستكشف خطاباً آخر يفي بحفظ الملاك، وهو: إمّا الخطاب بالجامع بين الأهمّ والمهمّ، أو تحريم الجمع بين التركين، وهذا حاله في النتيجة حال الخطاب الترتّبيّ تماماً.