المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

122

وثانياً: أنّه بالإمكان فرض كون كلّ واحد من الأمرين مشروطاً بمعصية


العدم الآتي من طرف الأمر بالأهمّ، حتّى يكون الأمر بالأهمّ طارداً لما اقتضاه الأمر بالمهمّ.

وإذا أمكن حفظ الأمر بأحدهما في عرض الأمر بالآخر ولو ناقصاً، لم تصل النوبة إلى إسقاط إطلاق الأمر وتقييده بفرض ترك الآخر أو عصيانه؛ فإنّ هذا التقييد يستلزم صيرورة الأمر ناقصاً، وغير دافع للمكلّف إلى طرد العدم الآتي من جهة الأمر بالآخر؛ لأنّ الأمر المشروط لا يحفظ شرطه، فأصل نقصان الأمر وعدم اقتضائه لترك متعلّق الأمر الآخر مسلّم. وهذا المقدار كاف لحلّ الإشكال كما عرفت، فما الذي يدعونا إلى شيء أكثر من ذلك، وهو إسقاط إطلاق الأمر وتقييده بفرض ترك الآخر أو عصيانه؟!

وجاء في نهاية الأفكار ـ ج 1 و 2، ص 372 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم ـ اعتراض على ذلك، وهو: أنّ هذا يعني وجوب سدّ أبواب العدم من باقي الجهات، ولو بقي باب العدم من جهة العمل بالأمر الآخر مفتوحاً، وهذا واضح البطلان؛ لأن سدّ باقي أبواب العدم مع بقاء باب واحد من أبوابه مفتوحاً، لا فائدة فيه.

وأجاب على ذلك بأنّ مرجع الأمر بحفظ الوجود من سائر الجهات ما عدا جهة واحدة ـ خرجت من حيّز الأمر ـ إلى الأمر بمتمّم الوجود وافتراض انحفاظ الوجود من ناحية الجهة الخارجة عن حيّز الأمر صدفةً، وليس طلباً للإيجاد الكامل.

أقول: إنّ الوجود أمر بسيط لا يتبعّض بتعدّد أبواب العدم، فلا معنى للأمر الناقص به إلاّ برجوع الأمر إلى الأمر بسدّ أبواب العدم، لا الأمر بالوجود. وإذا رجع واقع المطلب إلى الأمر بسدّ أبواب العدم حتّى يقبل التبعّض، قلنا: إنّ الأمر بسدّ العدم من باقي الجهات لو اُخذ مشروطاً بانسداد باب خاصّ صدفة واتّفاقاً، رجعنا مرّة اُخرى إلى تقييد الإطلاق. ولو لم يؤخذ مشروطاً بذلك رجعنا إلى وجوب سدّ الأبواب الاُخرى حتّى لدى افتراض بقاء ذاك الباب الخاصّ من العدم مفتوحاً، وهذا أمر بما لا فائدة فيه.