المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

123

الآخر بنحو التعليق لا بنحو الفعليّة، أي: أن يكون كلّ واحد من الأمرينمشروطاً بصدق قضيّة شرطيّة ـ وهي: أنّه لو اُمر بالآخر لخالفه ـ لا بالمخالفة الفعليّة، وصدق القضيّة الشرطيّة غير موقوف على صدق طرفيها، فلا يتوقّف أحد الأمرين على الآخر.

الثاني: أن يقال: إنّ العبد المنقاد ـ الذي لو لا الأمر لما كان له داع إلى أيّ واحد من الفعلين، وكانت نسبته النفسيّة تجاه الفعلين على حدٍّ سواء من حيث إنّه كان له داع لولا الأمر إلى الترك، أو مجرّد أنّه لم يكن له داع إلى الفعل ـ يوجب الترتّب من الطرفين بالنسبة له داعيين، كلّ واحد منهما مشروط بعدم فعليّة الآخر. أو قل: يصبح تحقّق كلّ واحد من الفعلين خارجاً مشروطاً بعدم الآخر؛ فإنّ فعل الصلاة يتوقّف على الداعي إليه، المتوقّف على فعليّة الأمر بها، المتوقّفة على تحقّق موضوعه وهو ترك الإزالة، وكذلك العكس.

وحينئذ فيستحيل وقوع الداعيين أو الفعلين معاً؛ لأنّه يلزم من وقوع كلّ منهما انتفاء شرط تحقّق الآخر، فيلزم من وجودهما معاً عدمهما معاً. ويستحيل أيضاً عدمهما معاً؛ إذ بعدمهما معاً يتحقّق شرطهما فيوجدان. ويستحيل وجود أحدهما فقط دون الآخر؛ لأنّ هذا متوقّف على صيرورة أحد الأمرين بالخصوص فعليّاً دون الآخر، وهذا غير معقول؛ لأنّ صيرورته فعليّاً موقوفة على ترك الفعل الآخر، وقد فرضنا أنّ نسبة هذا العبد إلى الفعلين من حيث عدم الداعي إليهما لولا الأمر، أو الداعي إلى تركهما لولاه على حدٍّ سواء.

والتحقيق: أنّ هذا الإشكال لا أساس له؛ لأنّه موقوف على تخيّل تكوّن داعيين مشروطين في نفس هذا العبد المنقاد من ناحية الأمرين، بينما الواقع ليس هو هذا، وإنّما الواقع هو أنّ أيّ واحد من الأمرين يُحدِث في نفس هذا العبد الداعي إلى