المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

127

بانتفاء المحمول، وحينئذ فليس ترك الجهر مساوقاً للإخفات حتّى لا يعقل حينئذ الأمر بالإخفات؛ إذ قد يكون ترك الجهر بترك الموضوع والقراءة.

وثانيها: أنّ الترتّب إنّما يعقل في ضدّين يكون تضادّهما اتّفاقيّاً لا دائميّاً، والتضادّ بين الجهر والإخفات دائميّ.

وقد أجاب السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ عن ذلك بمنع اشتراط عدم دائميّة التضادّ في الترتّب. وسيأتي ـ إن شاء الله ـ تحقيق الحال في ذلك في بحث التزاحم، إلاّ أنّ الذي نقوله هنا: إنّه حتّى مع تماميّة هذا الشرط لا يشكّل هذا مشكلة أمام الترتّب في المقام؛ لما عرفت من أنّ الترتّب إنّما هو بين الوجوبين الاستقلاليّين، أي: وجوب الصلاة الجهريّة ووجوب الصلاة الإخفاتيّة، ولا تضادّ بين الصلاتين أصلا حتّى يكون التضادّ دائميّاً.

وثالثها: أنّ الأمر بالتمام ـ مثلا ـ المشروط بعصيان القصر مع الجهل، لا يمكن أن يصل إلى المكلّف، والأمر الذي لا يمكن وصوله إلى المكلّف لا يعقل جعله؛ لعدم قابليّته للتحريك.

والوجه في عدم إمكان وصوله إلى المكلّف: أنّ موضوعه لا يصل إلى المكلّف؛ لأنّ موضوعه مركّب من الجهل بوجوب القصر، وعصيان وجوب القصر، وهذان الجزءان من الموضوع يستحيل وصولهما معاً؛ إذ لو جهل بوجوب القصر لم يعلم بالعصيان، ولو علم بالعصيان لم يكن جاهلا.

وقد أورد السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ على ذلك بأنّ هذا إنّما يكون لو قيّدنا الأمر بالتمام بعنوان عصيان الأمر بالقصر، أمّا لو قيّدناه بترك القصر بلا أخذ عنوان العصيان، فلا يرد هذا الإشكال؛ إذ يصل إلى المكلّف كلا جزئي الموضوع: ترك القصر مع الجهل بوجوبه.

أقول: إنّ موضوع وجوب القصر على المسافر ـ المركّب من ترك القصر مع