المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

128

الجهل بوجوبه ـ وإن أمكن وصوله إلى المكلّف بكلا جزئيه، لكنّه لا يمكنوصول موضوعيّة هذا الموضوع إلى المكلّف؛ فإنّ التمام يصحّ ممّن جهل بوجوب القصر بمعنى أنّه اعتقد بحكم التمام، فالموضوع مركّب من ترك القصر والاعتقاد بوجوب التمام، فإن فُرض أنّ هذا موضوع لشخص وجوب التمام المعتقد به، لزم أخذ العلم بالحكم في موضوع شخص ذلك الحكم، وهو مستحيل، وهذا الحكم لا يمكن وصوله. وإن فُرض أنّه موضوع لوجوب آخر فأيضاً لا يصدّق المكلّف به؛ إذ لا مبرّر للتصديق بوجوبين للتمام، إذن فالأمر بالتمام على سبيل الترتّب بنحو توجد فيه قابليّة التحريك بالوصول غير معقول، وبدون التحريك لا يكون أمراً وحكماً، وإنّما يرجع إلى الإخبار بالمصلحة والمحبوبيّة مثلا. إذن، فهذا الإشكال الثالث بعد تطويره بالنحو الذي بيّنّاه يكون تامّاً في المقام.

وهناك إشكال رابع يمكن أن يورد في المقام على الأمر الترتّبيّ لم يورده المحقّق النائينيّ(رحمه الله)، وهو: أنّ الأمر بالتمام هل هو مشروط بترك القصر إلى آخر الوقت، أو مشروط بتركه ولو ساعة مثلا؟

فإن فُرض الأوّل لزم أنّه لو علم بالحكم في أثناء الوقت بعد أن صلّى تماماً، وجب عليه أن يصلّي قصراً؛ لأنّ المفروض أنّه أهمّ، وهو قادر على الإتيان به، وإذا صلّى قصراً انكشف عدم صحّة ما أتى بها، ولم تترتّب آثار صحّتها لو كانت لصحّتها آثار، وهذا كلّه خلاف المسلّم الفقهيّ الذي فُرض تخريجه فنّيّاً بالأمر الترتّبيّ.

وإن فُرض الثاني لزم أنّه إذا ترك القصر ساعة من الزمان ـ مثلا ـ وجب عليه القصر والتمام معاً في عرض واحد: أمّا القصر فلبقاء الوقت، وأمّا التمام فلتماميّة