المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

132

الثالثة: أنّ كلام المحقّق الثاني(رحمه الله) إنّما يتمّ بناءً على الإيمان بالواجب المعلّق، أمّا بناءً على إنكاره فلا يتمّ هذا الكلام؛ لأنّه لو فُرض تحقّق الوجوب بالنسبة للواجب الموسّع من أوّل الوقت ـ بينما هو غير قادر عليه في أوّل الوقت؛ لأجل المزاحمة بواجب مضيّق ـ كان هذا عبارة عن الوجوب التعليقيّ؛ حيث إنّ الوجوب حاليٌّ والواجب استقباليّ، وهو مستحيل بحسب الفرض.

وبصدد تحقيق هذا الكلام نذكر نموذجين للاستدلال على استحالة الواجب المعلّق:

النموذج الأوّل: ما ذكره المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) من أنّ الخطاب يدلّ على البعث، وهو بحكم تضايفه مع الانبعاث يكون ملازماً له في الإمكان والتحقّق، وطبعاً ليس المقصود من كشف الخطاب عن البعث كشفه عن تحقّق البعث خارجاً؛ بداهة أنّ الخطاب يشمل العاصين أيضاً، وإنّما المقصود كشفه عن داعي البعث بمعنى إيجاد ما يمكن أن يكون باعثاً، وإمكانيّة البعث تلازم إمكانيّة الانبعاث، بينما في الواجب المعلّق لا توجد إمكانيّة الانبعاث قبل زمان الواجب، إذن فتقدّم زمان الوجوب على زمان الواجب مستحيل.

أقول: إنّ هذا الوجه ـ لاستحالة الواجب المعلّق ـ لو تمّ ثبتت في المقام استحالة تعلّق الوجوب بالجامع بين الفرد المزاحم وغيره من أوّل الأمر في عرض وجوب المضيّق، بل لابدّ من اختصاص الوجوب بالفرد غير المزاحم، وتأخّره إلى زمان انتهاء المزاحمة أو ثبوته من أوّل الأمر بنحو الترتّب.

إلاّ أنّ هذا الوجه غير تامّ؛ فإنّه وإن كان الخطاب يكشف عن البعث، ولكن هذا لا يتطلّب أزيد من إمكانيّة الانبعاث في عمود الزمان في الجملة، أي: في وقت من أوقات عُمر الخطاب، ولا يلزم فرض إمكانيّة الانبعاث طيلة المدّة في كلّ آن.

وتوضيح ذلك: أنّ الوجه في دلالة الخطاب على البعث ـ مع أنّه بطبعه الأوّليّ