المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

134

الشرط المتأخّر، فمثلا إذا وجب من أوّل الغروب الصوم من طلوع الفجر، فطلوع الفجر يكون شرطاً متأخّراً؛ إذ نقول: هل إنّ طلوع الفجر قيدٌ في الواجب أو لا؟ فإن قيل: إنّه ليس قيداً فيه، إذن لصحّ الصوم من الليل، بينما هو غير صحيح. وإن قيل: إنّه قيد في الواجب، قلنا: إنّه قد ثبت في محلّه: أنّ مثل طلوع الفجر إذا أصبح قيداً للواجب كان شرطاً في الوجوب أيضاً. وعندئذ فإن فُرض أنّ الوجوب مقارنٌ لطلوع الفجر لم يكن الوجوب تعليقيّاً، وإن فُرض تقدّمه عليه أصبح طلوع الفجر شرطاً متأخّراً.

وأمّا ما يتراءى في الشريعة كونه شرطاً متأخّراً فيدّعي المحقّق النائينيّ(رحمه الله)رجوعه إلى الشرط المقارن، بإرجاعه إلى شرطيّة التعقّب، ويكون هذا الإرجاع بحاجة إلى دليل خاصّ، وإلاّ فظاهر ما يجعل طلوع الفجر ـ مثلا ـ شرطاً كونه شرطاً بعنوانه، من دون إرجاعه إلى عنوان التعقّب.

هذا ما يرتئيه المحقّق النائينيّ(رحمه الله) في الواجب المعلّق. ولو تمّ ذلك ـ وغضضنا النظر عن بطلان أساسه؛ لعدم استحالة الشرط المتأخّر على ما حقّقناه في محلّه ـ قلنا: إنّ هذا الكلام لا يمكن إسراؤه إلى ما نحن فيه لإثبات بطلان الأمر بالجامع في الموسّع من أوّل الوقت، في عرض الأمر بالمضيّق؛ وذلك لأنّ الشرط المتأخّر المفترض في المقام عبارة عن القدرة على المتعلّق التي تحصل بعد انتهاء المزاحمة، بينما يمكن إرجاع هذا الشرط إلى شرط تعقّب القدرة. ولا يأتي هنا القول بأنّ ذلك خلاف ظاهر الدليل؛ فإنّ اشتراط القدرة لم يكن بدليل لفظيّ، وإنّما بدليل لبّيّ كقبح تكليف العاجز مثلا، وهو لا يقتضي في المقام أكثر من اشتراط تعقّب القدرة؛ إذ مع التعقّب لا يوجد ـ مثلا ـ قبح في التكليف بالجامع.

الرابعة: أنّ كلام المحقّق الثاني(رحمه الله) إنّما يتمّ إذا قلنا إنّ التخيير العقليّ ووجوب الجامع لا يرجع إلى التخيير الشرعيّ ووجوبين مشروطين، بل لعلّ التخيير