المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

22

وأمّا الفرض الثاني، وهو أن يفرض: أنّ عدم مقتضي الضدّ هو جزء المؤثّر فيوجود ضدّه، لا أنّ مقتضيه هو المانع عنه، فهذا يمكن نفيه بحساب الاحتمالات؛ وذلك لأنّنا قد شاهدنا بحسب الخارج دائماً أنّه متى ما تمّ اقتضاء المقتضي لأحد الضدّين، بلا ابتلاء بأيّ مزاحم غير مقتضي ضدّه، وأصبح أقوى من مقتضي الآخر، أو مساوياً له، امتنع الضدّ الآخر، ومتى ما لم يكن كذلك لم يمتنع الضدّ الآخر من هذه الناحية، فإذا كان هذا مستنداً إلى اقتضائه للضدّ من باب امتناع اجتماع ذاك الضدّ مع هذا الضدّ ـ فما يكون مقتضياً لهذا الضدّ يكون قهراً مانعاً عن الضدّ الآخر بقدر اقتضائه لهذا الضدّ ـ لم يلزم منه تجمّع صدف كثيرة، وأمّا إذا كان مستنداً إلى أنّ عدم تماميّة اقتضاء هذا المقتضي جزء المؤثّر في وجود ذلك الضدّ، لزم من ذلك تجمّع صدف كثيرة؛ إذ متى ما ينعدم هذا الاقتضاء أو يبتلى بموانع عن التأثير، يبطل امتناع الضدّ الآخر، بينما هذا الانعدام له أقسام شتّى، فقد يكون انعداماً للجزء الفلانيّ من المقتضي، واُخرى انعداماً لجزئه الآخر، وثالثة انعداماً لجزئه الثالث، ورابعة ابتلاءً بالمانع الفلانيّ، وخامسة ابتلاءً بالمانع الآخر، وهكذا. فإذا كانت معاصرة هذه الأعدام جميعاً لزوال امتناع الضدّ ـ الآتي من قِبَل وجود مقتضي ضدّه ـ على أساس كون مقتضي الضدّ مانعاً قهريّاً عن الضدّ الآخر، لما بين الضدّين من تعاند في الوجود، كان ذلك نكتة واحدة مشتركة بين كلّ هذه الأعدام، مفسّرة لهذه التعاصرات على كثرتها في شتّى أنحاء العالم والأضداد بتفسير واحد، وأمّا إذا كانت على أساس تأثير نفس هذه الأعدام، فهذه صدف كثيرة مجتمعة بلا توصّل إلى نكتة مشتركة، وهذا منفيّ بحساب الاحتمالات(1).

 


(1) يمكن أن يورد على هذا البرهان الذي أفاده(رحمه الله) لإبطال اقتضاء عدم الضدّ للضدّ