المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

31

صحيح، ولكن عدم ثبوت أحد الضدّين في رتبة الآخر لا يعني ثبوت عدمه في رتبته بدعوى استحالة ارتفاع النقيضين؛ فإنّ نقيض ثبوت أحد الضدّين في رتبة الآخر إنّما هو عدم هذا الثبوت المقيّد بكونه في رتبة الآخر، لا عدمه المقيّد بذلك، وفرق كبير بين عدم المقيّد والعدم المقيّد.

وإن قصد باستحالة اجتماع الضدّين في رتبة واحدة: ضرورة كون أحدهما مقدّماً على الآخر، أو مؤخّراً عنه، بأن يكون أحدهما واقعاً في سلسلة علل الآخر أو معلولاته، فهو باطل؛ فإنّ صيرورة أحد الضدّين علّة للآخر محال، وليس عدم تقدّم أحدهما على الآخر أو تأخّره عنه يعني كونهما في رتبة واحدة بالمعنى الذي يكون ظرفاً تحليليّاً يستحيل اجتماع الضدّين فيه، غاية ما هناك أن يُسمّى كونهما في سلسلتين مختلفتين بأنّهما في رتبة واحدة، ولكن مجرّد التسمية لا يوجب الاستحالة.

البرهان السادس: برهان الدور وللدور. في المقام عدّة تقريبات:

التقريب الأوّل: أن يفرض: أنّ القائل بمقدّميّة ترك أحد الضدّين يدّعي مانعيّة أحد الضدّين للآخر، فيكون عدم الضدّ المانع مقدّمة للشيء، فيقال: إنّ هذه المانعيّة تستبطن الدور؛ وذلك لأنّ المانعيّة ثابتة من الطرفين، فالسواد مانع عن البياض، والبياض أيضاً مانع عن السواد، وكلتا المانعيّتين داخلتان في المدلول المطابقيّ لمدّعى الخصم، ويلزم منهما الدور؛ لأنّ السواد إنّما يمنع عن البياض حال وجوده، بينما فرض وجوده يستبطن سابقاً فرض عدم البياض؛ لمانعيّة البياض عنه، فما فرض سابقاً على السواد عدمه، كيف يفرض أنّ السواد يمنع عنه ويعدمه؟!

وهذا بيان لاستلزام المدلول المطابقيّ لمدّعى الخصم للدور، بلا حاجة إلى ضمّ مقدّمة اُخرى لازمة لمدّعى الخصم.

وهذا البيان إنّما يبطل دعوى المانعيّة، أمّا لو ادّعى الخصم: أنّ عدم أحد