المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

34

وجود أحد الضدّين مع وجود الآخر إلى عدم تعلّق الإرادة الأزليّة به، وتعلّقها بالآخر؛ حيث إنّه لابدّ وأن يرجع كلّ شيء إلى الإرادة الأزليّة(1).

وهذا التقريب جوابه واضح؛ فإنّ الإرادة الأزليّة ليست دائماً هي السبب المباشر للشيء، وإنّما ينتهي الشيء إليها في نهاية السلسلة، فقد يكون عدم وجود شيء لا لعدم تعلّق الإرادة الأزليّة بوجود مقتضيه، بل لتعلّقها بوجود مانعه مع فرض وجود مقتضيه المباشر، فالبرهان المذكور في تقرير المحقّق النائينيّ(رحمه الله) على المقدّمة الثانية أمتن(2).

وعلى أيّ حال، فقد اُجيب عن كلام المحقّق الخونساريّ(رحمه الله) بجوابين:

أحدهما: ما جاء في تقرير المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من أنّ إنكار المانعيّة يساوق إنكار المقدّميّة، حيث إنّ المقدّميّة إنّما كانت على أساس فرض المانعيّة(3).

ويمكن تنقيح ذلك، بأن يقال: إنّ الصلاة التي هي ضدّ للإزالة الواجبة مثلا لها


(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 207 ـ 208 بحسب الطبعة المشتملة في الحاشية على تعليقات المشكينيّ.

(2) لا يخفى: أنّ البرهان على المقدّمة الثانية بأنّ مقتضي المحال محال، يرد عليه إشكال السيّد الخوئيّ(رحمه الله): من أنّ كلاًّ من المقتضيين إنّما اقتضى أحد الضدّين، والجمع بين المقتضيين غير اقتضاء الجمع، ولئن أمكن توجيه كلام المحقّق النائينيّ(رحمه الله) حينما استعان بهذا البرهان لنفي المقدّميّة، بأنّه قد يقصد الاستفادة من هذا البرهان بعد التنزّل عمّا هو دليل آخر على نفي المقدّميّة، وهو اقتضاء كلّ من المقتضيين لنفي الضدّ الآخر أيضاً، فبعد التنزّل عن هذا ودوران الأمر بين إطلاق الاقتضاء وتقييده تمّ هذا البرهان، لئن أمكن هذا التوجيه هناك، فهو غير ممكن هنا دفاعاً عن المحقّق الخونساريّ(رحمه الله)؛ لأنّ المفروض: أنّه يريد أن يدافع عن المقدّميّة، فلا معنى لذلك التنزّل.

(3) فوائد الاُصول، ج 1، ص 309 ـ 310 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.