المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

346

خاصّة وأنّ فيما بينها أفراد متضادّة، كالصلاة في المسجد مع الصلاة في البيت في وقت واحد، فينحصر الأمر في الاحتمال الأوّل وهو وجوب صِرف الوجود على شكل الإطلاق البدليّ.

وهذا بخلاف باب النهي كـ (لا تكذب) فقوله مثلا: (لا تكذب)، أيضاً فيه احتمالات ثلاثة: كون الحرام كلّ كذب بنحو الإطلاق الشموليّ، وكون الحرام كذباً واحداً على سبيل البدل، أي: إنّه لو ترك كذباً واحداً لكفى وجاز له الإتيان بكلّ كذب آخر، وكون الحرام مجموعة معيّنة من الأكاذيب كالكذب على الله ورسوله، أو الكذب في حال الصوم. والاحتمال الثالث منفيٌّ بالإطلاق ومقدّمات الحكمة المشتركة؛ لأنّ دخل خصوصيّة تلك المجموعة من الأكاذيب بحاجة إلى البيان ولم يبيّن، فيدور الأمر بين الاحتمالين الأوّلين.

وهنا يأتي دور المقدّمة العقليّة المعيّنة للاحتمال الأوّل والنافية للاحتمال الثاني، وهي أنّ تحريم كذب واحد غير معقول؛ إذ لا يوجد أحدٌ يستطيع أن يكذب كلّ كذبة، فترك بعض أفراد الكذب حاصل قهراً، فتعيّن بذلك احتمال الإطلاق الشموليّ.

وفيما أسماه السيّد الاُستاذ بموضوع الأحكام الوضعيّة من قبيل: ﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْع﴾قال دامت بركاته: هنا أيضاً توجد فيه ثلاثة احتمالات: كون المقصود تنفيذ أحد البيوع على سبيل الإطلاق البدليّ، وكونه تنفيذ كلّ البيوع على سبيل الإطلاق الشموليّ، وكونه تنفيذ مجموعة معيّنة من البيوع كالبيع العقديّ. والثالث منفيٌّ بمقدّمات الحكمة، والأوّل غير محتمل؛ إذ لا معنى لتنفيذ أحد البيوع، فيتعيّن الإطلاق الشموليّ.

أقول: إنّ هذا الكلام ترد عليه عدّة إشكالات نذكر منها هنا إشكالين:

الأوّل: أنّ في مثل (صلّ) لا مانع من الإطلاق الشموليّ، وكونه غير قادر على جميع أفراد الصلاة لا يعيّن الإطلاق البدليّ:

أمّا على مسلكه(رحمه الله) من أنّ القدرة دخيلة في التنجيز لا في التكليف ـ وإن كان